سعيدة..حملة الحرث و البذر تستهدف مساحة أزيد من 102 ألف هكتار    الفصائل الفلسطينية تندد بالموقف الدولي وتحذر من خطط الإبادة : 87 شهيدا ومفقودا جراء القصف الإسرائيلي لمشروع بيت لاهيا    رفع دعوى قضائية ضد المتسببين في انهيار عمارة ببشار    دعوة إلى تقنين التعليم الإلكتروني وتوفير البنية التحتية له    كشف 18 قنطارا من التوابل الفاسدة    تسليم 25830 بطاقة شفاء للطلبة الجامعيين    الرفع من المداخيل وتحقيق التحوّل الرقمي    مكاسب جديدة في مسار بناء إعلام وطني قوي    تحرّك دولي لوقف نهب ثروات الشعب الصحراوي    أبو الغيط يطالب الكيان الصهيوني بوقف فوري لإطلاق النار    يجب احترام قرارات محكمة العدل الأوروبية    صادي وأعضاء "لوناف" يجتمعون بموتسيبي    بيدرو دياز مدرب إيمان خليف حتى 2028    انتصار صعب على "الباك" وتألق القائد ذيب    ترقية علاقات التعاون في المجالات الاقتصادية    تشديد الرقابة على المذابح    إنقاذ 3 متسممين بالغاز    قطار يدهس شابا    التميّز والجمال عنوان "شظايا من الضفتين"    .. الكثير من الحُبّ والحياة    فيلم "الأمير".. أولوية وطنية    مختصون في الصحة: الدولة حريصة على تفعيل سياستها الوقائية    تجميد قرار إقصاء الأطباء المستقيلين من مسابقة التخصّص    مخطط وقائي استباقي للتصدي للكوليرا بالجنوب    الجزائر شريك "مميز وضروري وأساسي" للاتحاد الأوروبي    السفير المنسق المقيم للأمم المتحدة يثمن دور الجزائر في إحلال السلم في العالم    مختصون: هكذا نجعل للدراسة قيمة في حياة أبنائنا    قيمة الاستثمارات الجارية للخزينة العمومية تقارب 5970 مليار دج    تجارة: اعتماد نظام تسقيف الأسعار يكرس الأولوية القصوى الممنوحة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين    تجسيدا لأوامر رئيس الجمهورية.. الشروع في تسليم الإعانات المالية للمتضررين في فيضانات النعامة    الأحكام الجمركية في قانون المالية 2025 هدفها رفع مداخيل الخزينة    رابطة دول جنوب شرق آسيا..بودن يتحادث بفيان تيان مع الأمينة العامة للجمعية البرلمانية الدولية    أساتذة وممثلو الطلبة يثمنون التدابير منحة الطلبة والأساتذة    بعيدا عن هموم مهنة المتاعب..!؟    لعزيز فايد : "بورصة الجزائر لم يتم استغلال إمكاناتها بالشكل المناسب"    مختار ديدوش : الدولة تراهن على السياحة كبديل للمحروقات ومكمل للاقتصاد    المنتدى النقابي الدولي للتضامن مع الشعب الصحراوي: المشاركون يطالبون بحل عاجل لقضية الشعب الصحراوي العادلة    العدوان على لبنان: أبو الغيط يطالب الكيان الصهيوني بوقف فوري لإطلاق النار    وزارة الصناعة والانتاج الصيدلاني: اتخاذ عدة اجراءات لضمان وفرة أدوية مرضى السرطان    سرطان الثدي: برنامج تحسيسي بالمركز الاستشفائي الجامعي بني مسوس    فتح باب الترشح أمام الجمعيات للاستفادة من دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    فلسطين : مئات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك    عميد جامع الجزائر يشرف على انطلاق حلقات تحفيظ القرآن لطلبة المدرسة الوطنية العليا للعلوم الإسلامية    وقفة جزائرية ترحماً على السنوار    شرطة غرداية توقف امرأة بحوزتها 3600 كبسولة    انطلاق التصفيات المحلية    إرادتنا مشتركة لبناء مستقبل قوامه المنفعة المتبادلة    انطلاق التصفيات المحلية الخاصة بجائزة الجزائر للقرآن الكريم    دراجات: تتويج الدراج حمزة ياسين بطلا للدورة الوطنية للدراجات الهوائية بتلمسان    ملاكمة: ايمان خليف تستعرض مشوارها الرياضي وتكشف عن آفاقها المستقبلية    مولودية الجزائر ترتقي إلى الصدارة    رقم مميّز للخضر    أعلى لاعبي كرة القدم أجرا في العالم    وزير الصحة يؤكّد ضرورة إنشاء أقطاب خاصّة    الابتلاء من الله تعالى    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استحضار مسيرة المناضل الثقافيّ ورجل الدولة
10 سنوات على رحيل محمد سعيدي
نشر في المساء يوم 28 - 09 - 2024

دعا المشاركون في الندوة التي نظّمتها الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، أوّل أمس، بالمركز الثقافي "العربي بن مهيدي" بالجزائر الوسطى، تحت عنوان "محمد سعيدي المناضل الثقافي ورجل الدولة" ، إلى رد الاعتبار لمثقفينا ومفكرينا وفنانينا الذين رحلوا عنا، وتعريف الشباب بهم، والاستفادة من إنتاجهم الذي خلّفوه في حياتهم.
بالمناسبة، قال رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية الدكتور عمر بوساحة، إنّ الجزائري، في العادة، ينسى رموزه خاصة الثقافية منها، ليتساءل: "إلى متى هذا التجاهل بمثقفينا؟! " وقال: " على الدولة والمجتمع الجزائريين الاهتمام بهذه الفئة من المجتمع، والتعريف بفكرهم، والاستفادة منهم "، لينتقل في حديثه إلى المثقف والمناضل السياسي والدبلوماسي محمد سعيدي، الذي قال إنه شغل عدة مناصب؛ مثل محافظ حزب جبهة التحرير الوطني، وسفير، وكان يمارس مهامه حسب اعتقاداته، كما كان مشبَّعا بالأفكار الحديثة.
مناصر للحرية والعقل
من جهته، تطرق الكاتب محمد بوعزارة في ورقة عنونها "حوار البحر ومنظور الرجل للحريات"، للجحود والنكران الذي يطبع حياتنا الثقافية والفكرية تجاه رجال ونساء غادروا عالمنا، مشيرا إلى الخجل الذي يشعر به حينما يسافر إلى بلد ما ويُسأل عن مصير تركة مثقف جزائري راحل، فيتهرّب من الردّ، ليدعو إلى تنظيم العديد من الندوات حول الأسماء الفكرية والثقافية البارزة.
بالمقابل، قال بوعزارة إنّ القدر جمعه بسعيدي حينما كانا يقطنان بمنطقة موريتي (العاصمة) في منتصف تسعينات القرن الماضي، وكانا يسبحان في البحر، ويتحدّثان عن وضع البلاد غير المستقر آنذاك، وهذا بعد توقيف المسار الانتخابي، مضيفا أنّ سعيدي كان يعتقد أن غياب الحوار أدى إلى هذا الوضع الأليم، وكان يُسقط ما حدث في الجزائر بأحداث وقعت في تاريخنا الإسلامي؛ مثل الاغتيالات التي طالت العديد من الشخصيات. وتابع: " سعيدي، رغم قتامة الواقع في تلك الفترة، كان مؤمنا بمستقبل زاهر للجزائر؛ من خلال إيجاد نخبة وطنية تُخرج البلد من الأزمة ". كما كان مناصرا كبيرا للحرية؛ فقد كان مؤمنا بأنّ الحرية هي أساس الوجود، وأنه بواسطتها ينتظم المجتمع، ويبدع أيضا. وقال: "استقللنا، لكننا لم ننعم بعد بالحرية" رغم أنه في نفس الوقت، كان يعتقد، فعلا، أن نور الثورة التحريرية لن يخمد أبدا.
أوّل من ربط الجزائر والأدب الروسي
من جهته، أكّد الدكتور أمين الزاوي ضرورة الاهتمام بالأسماء التي لم تكن سياسية وإدارية فقط، بل كانت مشبَّعة ثقافيا؛ مثل محمد الميلي، ومحمد سعيدي، ممن يملكون انتماء ثقافيا وفكريا أكثر منه سياسيا وإيديولوجيا.
أما عن أوّل لقاء به فكان عام 1978، حينما كان الزاوي طالبا في الجامعة وكان أيضا ضمن طاقم مجلة "أمل" . أما سعيدي فكان مدير "ثقافة" بوزارة الثقافة. وكانا يتحدثان في أمور عديدة، يأتي في مقدّمتها الأدب الروسي الذي تخصّص فيه سعيدي، حينما كان طالبا بالجامعة في الاتحاد السوفياتي سابقا.
ويرى الزاوي أنّ سعيدي هو أوّل من ربط الجزائر بالأدب الروسي. كما كان جميلا، وأنيقا، ومريحا للروح، مشيرا إلى توطّد علاقته بسعيدي حينما ترأّس الزاوي المكتبة الوطنية؛ حيث كان يتردد عليها كثيرا، وكان مفعما بالحيوية، ويتحدث بحرارة، ويملك روحا وطنية.
وتحدّث الزاوي عن نشر المكتبة كتاب سعيدي بعنوان "من الاستقلال إلى الحرية" ، الذي ضمّ أفكارا جريئة جدا عن واقع وتاريخ الجزائر.
كما تطرّق المتحدّث لولع سعيدي باللغات الأجنبية؛ فقد تعلّم اللغة الفرنسية لوحده. وتعلّم الروسية في وقت وجيز. وكان يرى أنّ هذه اللغات تفتح لنا أبواب العالم، وكان، أيضا، مؤمنا بارتباط تقدّم الجزائر بوضعية المرأة فيها.
وتابع زاوي مجدّدا أن محمد سعيدي كان منشغلا بالعقل الذي كان يراه بوصلة حقيقية للتطوّر. وكان معجبا جدّا بالمعري، ويراه أفضل من ابن رشد، وكان في أيامه الأخيرة متحمّسا للحياة التي عاشها بامتلاء.
كان منسجما مع أفكاره
وعرفت الندوة أيضا مشاركة الشاعرة والمترجمة لميس سعيدي نجلة المحتفى به، التي قالت إنّ الحديث عن والدها مربك؛ لأنّه حاضر دائما معها رغم وفاته منذ عشر سنوات، إلاّ أن استحضار ذكراه مع الآخرين ُعدّ مصدر بهجة بالنسبة لها.
وأشارت لميس إلى أن والدها كان يحمل شخصية إيجابية منسجمة مع أفكارها ومواقفها. ويضع كل شيء في ميزان العقل. وكان انقطع عن الدراسة التنظيمية في جامعة الزيتونة مضطرا لمدة عام كامل، فقرّر تخصيص كل وقته للمطالعة في المكتبة الوطنية العطارين بتونس. وهناك استلهم من كتب العديد من الكُتاب والمفكرين، خاصة الحداثيين منهم، على رأسهم العقاد.
وكشفت المتدخلة عن تغيير مسار والدها الجامعي؛ حيث أُرسل من طرف الحكومة المؤقتة ليدرس تخصّصا تقنيا بالاتحاد السوفياتي سابقا، إلا أنّ شغفه بالأدب جعله يتخصّص فيه.
وفي روسيا اكتشف أيضا، أنّ العقاد كتب في تخصّص لا يتقنه وهو "اللسانيات" ، ليشعر بصدمة، ولكنه سرعان ما تجاوزها؛ لأنّه ضدّ تقديس الأشخاص.
وأكّدت لميس امتلاك والدها رؤية وطنية. كما كان يعتقد أنّ الثورة الجزائرية لم تنته بتحقيق الاستقلال، بل ماتزال مستمرة. وكان يرفض إعادة إنتاج الماضي حتى ولو كان إيجابيا. ورغم رغبته في التدريس بالجامعة بعد عودته إلى الجزائر، إلاّ أنّه اشتغل مراسلا لمجلة "المجاهد" لمدة عام. وقد سعد كثيرا بهذه المهمة، التي جعلته يكتشف ولايات وطنه، ليعيَّن بعدها مديرا ليومية "الشعب" . وتتوالى، بعدها، المناصب المختلفة في السياسة، والدبلوماسية، ومع ذلك فهو لم يطلّق أبدا الأدب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.