أكد خبراء اقتصاديون، أهمية التعليمات التي وجهها رئيس الجمهورية، في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، والمتعلقة خصوصا بالتجارة الداخلية والتجارة الخارجية، حيث أجمعوا على ضرورة توفير الآليات المناسبة لضبط السوق ووضع حد للاختلالات المسجلة ولتحكم الوسطاء والمضاربون في السوق. أكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف، أمس، أن التعليمات التي وجهها رئيس الجمهورية السيّد عبد المجيد تبون، خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء والمتعلقة خصوصا بمجال التجارة الداخلية والخارجية، كانت ضرورية في وقت توجد فيه الجزائر في مرحلة تحول اقتصادي. وأضاف هادف، في تصريح ل"المساء" أن الوقت حان لوضع آليات للتحكم في السوق وفي نفس الوقت آليات للحفاظ على القدرة الشرائية، موضحا أن مسألة تسقيف الأسعار من الجانب العملي تتعلق بتسقيف هوامش الربح، قائلا "في العديد من المرات نلاحظ أن المواد متوفرة لكن الأسعار مرتفعة بسبب عدة عوامل على رأسها المضاربة غير المشروعة، ولذا لابد من تسقيف هوامش الربح مما يسمح بالتصدي لنشاطات المضاربة والنشاطات الأخرى غير القانونية التي تؤدي إلى اختلالات في شبكات التوزيع والسوق عموما". لافتا إلى أنه كان من الضروري التوضيح بأن الجزائر التي تمر حاليا بمرحلة تحوّل اقتصادي تريد الارتكاز على قطاعات تسمح لها بالوصول إلى التنوع الاقتصادي، بدفع من قطاعات استراتيجية في مقدمتها الفلاحة والصناعة. وبعد أن أوضح بأن القطاع الصناعي يعرف بأنه رافد للتنوع الاقتصادي بامتياز اعتبر أن الحكومة، مطالبة بالعمل على وضع الظروف اللازمة لتحسين الوصول إلى المواد الأولية والمواد النصف صناعية التي تدخل في سلاسل الإنتاج، حيث شدّد على أن المؤسسات الصناعية والفلاحية تحتاج إلى العمل في أريحية لإنتاج السلع والخدمات. وبالنسبة للخبير هادف، فقد سمح اجتماع مجلس الوزراء بتوضيح الأمور بعد أن أكد الرئيس، أنه لا يجب منع استيراد المواد الأولية أو المواد نصف المصنعة التي تدخل في سلاسل الإنتاج، معتبرا أن ذلك يتعلق بمشروع التحوّل الاقتصادي وتشجيع المنتوج الوطني واستبدال الواردات وترقية الصادرات خارج المحروقات. من جانبه أكد الخبير الاقتصادي والمالي سهيل مداح، في تصريح ل"المساء" أهمية التعليمات التي وجهها رئيس الجمهورية، في مجلس الوزراء، من حيث تأثيراتها على المستهلك البسيط وكذا مساهمتها في وضع حد للمضاربة وتحكم الوسطاء في السوق. و تحدث في هذا الصدد عن ضرورة التدرج في تسقيف الأسعار واللجوء إلى آلية "المراقبة المستمرة" للأسعار في فترة محددة لملاحظة وتيرة تصاعد الأسعار، مع تحديد سقف أدنى وأقصى للأسعار والتدخل في حال ملاحظة ارتفاع مفاجئ أو حتى انخفاض كبير في أسعار المنتجات. وأوضح أن مثل هذا الإجراء مهم ومستعجل لضبط السوق، لكن يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أسعار المواد الأولية المستوردة في السوق العالمية وتأثيرها على تكلفة الإنتاج، حيث شدد على ضرورة الضبط عبر التدعيم المؤقت مع مراقبة الأسعار في السوق الدولية وعكسها على الأسعار الداخلية واتخاذ الإجراءات اللازمة لفرض خفضها أو تسقيفها. وبخصوص المواد الغذائية والفلاحية أبرز الخبير، أنها تعد أولوية بالنسبة للسوق الداخلية لأنه يتوجب أن تكون متوفرة بأقل كلفة، لافتا إلى أهمية مساهمة الدولة في ضمان كلفة معقولة عن طريق الدعم لإبقاء السعر في متناول الجميع. واعتبر أنه لمواجهة المضاربة من المحبّذ اللجوء إلى آليات توزيع تعتمد على "مركزيات الشراء" التي يشرف عليها متعاملون مختصون في التوزيع بدل تركها بين أيدي الوسطاء ومجموعات الضغط، وهو ما يسمح بتحديد أسعار من خلال أخذ الحسابات العلمية بعين الاعتبار، والتي تشمل خصوصا نسبة التضخم والكتلة النّقدية الشاملة وليس الكتلة النّقدية الشخصية، وأشار المتحدث، إلى مسألة تشجيع الاستثمار الذي يؤدي إلى التصدير، موضحا بأن العودة إلى الوضع العادي قرار جدير بالثناء وهام لأنه سيسمح برفع التجميد وتحرير فعل الاستثمار وضبط الأسعار للمنتجات النهائية سواء التي تقتنى أو المصدّرة.