سجلت مصالح الدرك الوطني 647 قضية خاصة بتهريب وحيازة السلاح بدون رخصة منذ بداية السنة الجارية وإلى غاية نهاية شهر أوت الأخير تورط فيها 742 شخصا تم إيداع 351 منهم الحبس بعد ضبطهم في حالة تلبس أو بعد التحقيقات الأمنية التي أثبتت تورطهم، في الوقت الذي ضيقت فيه الجهات الأمنية الخناق على المناطق الحدودية التي عادة ما تهرب عبرها الأسلحة تفاديا لتوجيهها لدعم الجماعات الإرهابية أو استعمالها في أعمال إجرامية أخرى. أصبحت ظاهرة تهريب الأسلحة الفردية والذخيرة الخفيفة والمتاجرة بها بطريقة غير شرعية أنشطة مربحة أكثر من أي نشاط تهريبي آخر عبر العالم، الأمر الذي فتح شهية بعض العصابات التي يبقى همها الوحيد تحقيق الربح السريع والحصول على أموال طائلة غير مبالية بالنتائج الوخيمة التي تترتب عن حركة هذه الأسلحة والجرائم التي تنجر عنها رغم أنها أنشطة محظورة طبقا للقانون حيث ينص الأمر رقم 97 -06 المؤرخ في 21 جانفي 1997 على أنه " يحظر عبر كامل التراب الوطني صناعة العتاد الحربي والأسلحة والذخيرة، كما يحظر استيراد ذلك وتصديره، والمتاجرة به واقتناؤه و حيازته، وحمله ونقله". وتشير بعض الإحصائيات الدولية إلى أن هناك ما يقدر ب800 مليون سلاح خفيف يروج سنويا في العالم وهو ما يتسبب في مقتل ما يعادل مليون شخص. وأن ما يقدر ب 16 مليار ذخيرة خفيفة تنتج سنويا و15 سلاحا خفيفا يصنع في كل دقيقة في العالم. من جهة أخرى؛ تضيف بعض الدراسات العالمية أن 60 بالمائة من الأسلحة المتداولة يحوز عليها أشخاص مدنيون لا ينتمون للأسلاك الأمنية. وبالرغم من النصوص القانونية التي تمنع حركة الأسلحة فإن عصابات التهريب لا تزال تغامر وتهرب هذه الأسلحة قصد بيعها بطريقة غير شرعية وهو ما يبين كيفية تداولها بين المافيا وشبكات المتاجرة بالمخدرات والمهربين الذين يهربون المخدرات وبعض السلع خاصة عبر الشريط الحدودي الجزائري المغربي، حيث أكدت التقارير الأمنية في مرات عدة أن هذه العصابات التي تشتغل تحت غطاء شبكات منظمة لها امتدادات دولية تسيرها بارونات خطيرة تملك أسلحة نارية تستعملها للدفاع عن نفسها وحماية السموم التي تهربها في حال الاعتداء عليها من قبل قطاع الطرق أو عصابات أخرى تعترض طريقها. كما أكدت هذه التقارير أن عصابات التهريب بالمناطق الغربية والجنوبية الحدودية بين الجزائر والمغرب استعملت هذه الأسلحة في العديد من المرات للهروب من قبضة الدرك الوطني عند اكتشاف أمرها ووصل الوضع إلى حد إصابة بعض رجال الدرك بالرصاص الذي يطلقه هؤلاء المهربين الذين يلوذون بالفرار. يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه الجهات الأمنية بعض الورشات التي تقوم بصناعة بعض الأسلحة التقليدية بالجزائر، حيث اكتشفت عناصر الدرك الوطني بولاية باتنة في الأشهر القليلة الماضية ورشة لصناعة الأسلحة التقليدية تشتغل في الخفاء بطريقة غير قانونية، وقد تم توقيف ثلاثة أشخاص متورطين في القضية وحجز ثلاث بنادق، وثلاث بنادق صيد أخرى من الحجم الكبير، وكذا مسدسين آليين، بالإضافة إلى 1.5 كلغ من البارود الأسود و74 خرطوشة بالإضافة إلى عتاد لصناعة هذه الأسلحة. وبدأت هذه الظاهرة تعرف انتشارا بشرق البلاد لاسيما بالمناطق البدوية التي لا يزال سكانها يحيون الأعراس على الطرق التقليدية باستعمال البارود رغم الحوادث الخطيرة والمميتة التي قد تنجر عن استعماله والذي يتسبب كثيرا في وفاة الحضور وتحويل الأعراس إلى مآتم .