حسام أبو صفية، طبيب آخر من أكفأ الأطباء الفلسطينيين الذين وقفوا صامدين في وجه العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة منذ 15 شهرا، يؤدي واجبه المهني في خدمة ابناء جلدته تحت التهديد والخطر المستمر وبأقل الامكانيات المتوفرة الى غاية اعتقاله قبل يومين، من قبل قوات الاحتلال التي أحرقت ودمرت مستشفى "كمال عدوان" الواقع شمال غزة والذي كان أبو صفية مديره. لم يثنه اغتيال قوات الاحتلال لنجله أمام عينيه ولا تهديداتها له بالاعتقال ولا حتى تعرضه لإصابة شديدة، عن البقاء في مستشفى "كمال عدوان" ومواصلة مهمته النبيلة الى آخر لحظة والاحتلال يحرق ويدمر المشفى على رؤوس من فيه من طواقم طبية ومرضى وجرحى ونازحين. وكان أبو صفية يعلم أن مصيره سيكون نفس مصير العديد من رفقائه الذين اعتقلهم الاحتلال ونكل بهم إلى حد الموت، في غياهب سجونه المظلمة التي يتعرض فيها الأسرى الفلسطينيون لأشد أنواع العذاب وسوء المعاملة الحاطة للكرامة الإنسانية. واعتقلت قوات الاحتلال أبو صفية وسط رواج معلومات وشهادة أحد المفرج عنهم الذي كان رفقة الطبيب في مقر التحقيق الميداني بمنطقة الفاخورة، قبل أن تقوم باقتياده غلى وجهة مجهولة. وأكد الشاهد أن جنود الاحتلال جلدوا حسام ابو صفية بسلك كهرباء الشارع والمعروف باسم "السلك النرويجي" بعد أن أجبروه عن خلع ملابسه هو وآخرين من الطاقم الطبي لمستشفى "كمال عدوان"، ما يفند تماما الادعاءات الصهيونية التي تروج إلى معاملة حسنة مع ابو صفية وبقية المعتقلين من الطاقم الطبي والمرضى. أمام هذه الجريمة الجديدة في حق أطباء غزة، نشرت عائلة أبو صفية، أمس، منشورا اعلاميا تطالب فيه بالتحرك واطلاق المزيد من المناشدات والتقارير الإخبارية للضغط على الاحتلال من أجل الإفراج عنه في القريب العاجل. من جهتها، حملت حركة المقاومة الاسلامية "حماس" الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة على سلامة أبو صفية، بعد اختفائه القسري، جراء واختطافه من قبل قوات الاحتلال. وطالبت الأممالمتحدة ومنظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر وكافة المؤسسات الحقوقية الدولية بممارسة أقصى درجات الضغط على سلطات الاحتلال للكشف عن مصيره وكافة زملائه ممن تم اختطافهم وإطلاق سراحهم فورا والعمل على توفير الخدمات الطبية الأساسية لسكان شمال القطاع بعد تدمير جيش الاحتلال لكافة المرافق الصحية وإخراجها عن الخدمة في انتهاك فاضح لكافة القوانين الدولية. نفس المطلب رفعه المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الذي دعا المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية والصليب الأحمر الدولي للتدخل العاجل للكشف عن مصير أبو صفية. وقال أن التقارير الواردة تؤكد تعرض أبو صفية لانتهاكات جسيمة وضغط نفسي وجسدي بعد اعتقاله، بما في ذلك إجباره على خلع ملابسه و"الكوت" الطبي واستخدامه كدرع بشري، مؤكدا أن ذلك يشكل خرقا فاضحا لكل القيم الإنسانية والمواثيق الدولية. كما طالبت منظمة الصحة العالمية الكيان الصهيوني بالإفراج الفوري عن الطبيب أبو صفية، منددة في بالحرب الشرسة التي يشنها جيش الاحتلال على المنظومة الصحية والمستشفيات في قطاع غزة في انتهاك صارخ لكل القوانين والشرائع الدولية التي من المفروض انها تحمي هذا القطاع والعاملين فيه. وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسيوس، من أن النظام الصحي في قطاع غزة "تحت تهديد شديد" بسبب تعمد الكيان الصهيوني استهداف ما تبقى من مستشفيات قيد الخدمة في القطاع، داعيا الاحتلال إلى وقف العدوان على المؤسسات الاستشفائية في غزة. وقال في تصريحات صحافية أمس إن "الناس في غزة يحتاجون إلى الحصول على الرعاية الصحية والعاملون في المجال الإنساني يحتاجون إلى الحصول على المساعدة الصحية"، مضيفا أن "مستشفيي الأهلي والوفاء للتأهيل في مدينة غزة تعرضا لهجمات من الجيش الاسرائيلي وكلاهما تضررا". إيرلندا تدعو إلى احترام القانون الدولي وحماية المستشفيات أعرب وزير خارجية إيرلندا، مايكل مارتن، عن قلقه العميق إزاء استهداف جيش الاحتلال الصهيوني الجمعة الماضية لمستشفى "كمال عدوان" آخر مستشفى رئيسي في شمال غزة واعتقاله للموظفين بمن فيهم المدير إلى جانب المرضى، داعيا إلى احترام القانون الدولي الإنساني وحماية المستشفيات في القطاع المحاصر. وأكد على "ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني وفي جميع الأوقات وحماية المستشفيات والمنظمات الصحية وعمال الإغاثة الإنسانية". وقال إنه "يجب أن تتوقف الهجمات والمجازر ضد المدنيين والأطفال الأبرياء فورا". وجدد الوزير الايرلندي دعوته لإعلان وقف فوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق في غزة. واستشهد حوالي 1060 اطار طبي في القطاع غزة منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة في السابع من أكتوبر 2023، فيما اعتقل أكثر من 310 آخرين وأصيب المئات ودمر الاحتلال حوالي 130 سيارة اسعاف. ومنذ بدء حرب الإبادة، يستهدف جيش الاحتلال الصهيوني القطاع الصحي في القطاع ويقصف ويحاصر المستشفيات وينذر بإخلائها ويمنع دخول المستلزمات الطبية خاصة في مناطق شمال القطاع التي اجتاحها مجددا في الخامس أكتوبر الماضي.