محمود درويش يحدث الغياب، القصيدة لم تنزع حدادها، الأرض وحدها هي التي تدرك مدى الخسارة التي تكبدتها، أيها الشعراء هل مات درويش حقا، الذكرى تلاحقنا، القدس عاصمة للثقافة العربية في غياب درويش، الجرح المكابر يستيقظ من نوبة الألم، والوطن أضحى حقيبة تهرب كأي بضاعة ممنوعة، درويش أيها الفتى الخالد ما زالت قاعة ابن خلدون تشرب شعرك وعشقك وتحتفظ بملامحك الشعرية، أيها الرجل الدولة، عندما كان الوطن بقامتك كان قلمك النص والإعلان عن فلسطين الدولة، الجزائر ما تزال تحتفظ بذلك القيام المعلن، وهاهي الجزائر تقرؤك من جديد وتحيي ذكراك لأنك قلب فلسطين النابض، هاهي الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي تمنح لذكراك أكثر من شهر لأنك ما تزال في الذاكرة الجزائرية. ما تزال الجزائر تحتفظ بذكرى الإعلان عن الدولة الفلسطينية في 15من شهر نوفمبر 1988، لكن نص الإعلان بقلم محمود درويش، ولم يكتب درويش الإعلان عن الدولة الفلسطينية فحسب بل صدح بشعره سقط القناع على القناع، درويش يغادر حلبة الشعر لكنه لم يغادر حلبة الوطن لأن أعماله هي لوحات شعرية تؤرخ لملحمة وطن ترسم نضالات شعب أرادوا اقتلاعه من وطنه وهذا ما جعل من قصائد درويش راية فلسطينية ترفرف في كل أنحاء العالم، أعطت لدرويش العالمية ولفلسطين أحقيتها في الحياة. الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي ارتأت أن تنظم نشاطا تكريميا لهذا الشاعر الفلسطيني العربي الفحل وتخليدا لأعماله ومن خلالها الشعب الفلسطيني وبرمجت لذلك نشاطات متعددة التخصصات متنوعة الموضوعات منها معرض تحت عنوان "أمة في المنفى" جمع بين الرسم والكلمة بريشة قرشي وخط حسن ماصودي وكمال إبراهيم، أما النصوص فهي لفقيد الشعر محمود درويش، بالإضافة إلى معرض صور ووثائق ومخطوطات يحتضنه "متحف الجزائر للفن الحديث" في الفترة الممتدة بين 01 أكتوبر إلى 07 نوفمبر 2009. كما تتخلل هذه الوقفة التذكارية لوحات فنية من خلال رقصة معاصرة تؤديها الراقصة الكوريغرافية نصيرة بالعزة، في افتتاح التظاهرة التكريمية في الفاتح من أكتوبر المقبل بالمتحف الجزائر للفن الحديث. برنامج التكريم ضم أيضا قراءات شعرية لقصائد محمود درويش بصوت الشاعرة إنعام بيوض الرخم مرفقة "بنبرات" العود وذلك في 2 أكتوبر بدار عبد اللطيف. كما تشهد هذه التظاهرة الثقافية تنظيم "إقامة الكتابة" التي تمتد طيلة شهر أكتوبر وتجمع كل من الشاعر والصحفي الفلسطيني نجوان درويش والشاعر الجزائري عبد الله الهامل. الوكالة ستستغل هذه الفرصة كذلك لتكريم الملحن والمغني وعازف العود الفلسطيني المتميز منعم عدوان في حفل فني كبير يقام في 2 أكتوبر المقبل بقاعة ابن زيدون. وبمناسبة التظاهرة أيضا تصدر دار البرزخ كتاب الفن الجميل الذي سيضم معرض "أمة في المنفى" والذي يجمع بين أشعار محمد درويش ورسومات رشيد قريشي، خط حسن ماصودي نص كل من عبد الكبير الخطيبي والياس صيبار. وقد تمت دعوة عدة وجوه فنية وأدبية من مختلف دول العالم للمشاركة في إحياء هذه التظاهرة الدرويشية من بينهم : فرنتيسكة كوراوو ( يطاليا)، لوز غوميز غارسيا (إسبانيا)، عادل كرشولي (ألمانيا)، إلياس خوري وعبار بيضون من (لبنان)، فاروق مردم بك (سوريا)، إلياس صنبار (فلسطين) محمد بنيس (المغرب)، (الجزائر)، برايتن برايتينبخ (إفريقيا الجنوبية) بالإضافة إلى رشيد بوجدرة ورشيد قريشي من الجزائر... بالإضافة إلى شخصيات أخرى من عالم الفن والأدب. وتأتي هذه التظاهرة الثقافية تزامنا مع نشاطات الموسم الثقافي وفعاليات الصالون الدولي الرابع عشر للكتاب، لتعيد درويش الذي ملأ الوطن شعرا للذاكرة، التي مازالت تعمل على إسقاط الأقنعة القناع تلو القناع. يذكر أن شاعر القضية محمد درويش كان قد رحل عنا في ال9 من أوت 2008 عن عمر يناهز ال67 سنة بعد عملية قلب مفتوح أجريت له في أمريكا وقد مرت ذكرى رحيله الأولى شهر أوت الماضي وشهدت تنظيم العديد من التظاهرات هنا وهناك.