تحولت مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة، إلى فضاءات للتسول؛ في ظاهرة برزت، بشكل مثير للاهتمام، عبر موقع الفايسبوك. وهي ظاهرة غريبة، ودون سابقة، تَبرز، بشكل كبير بالنسبة لمتصفحي الموقع، بصفة يومية؛ حيث احترف البعض تلك "المهن" عبر وسيلة تمنحهم "حسبهم"، حماية لهويتهم، مستغلين بذلك سذاجة بعض مستعملي الأنترنت لبلوغ جيوبهم أو ممتلكاتهم الخاصة؛ حيث أصبح البعض يتسوّل دون الخروج من البيت. في هذا الصدد، أكدت مروة محمودي مختصة اجتماعية، أن حقيقة ظاهرة التسول أصبحت تنتشر اليوم بشكل كبير، ولم تعد تقتصر على المحتاج فقط؛ قالت: "إن المحتاج هو الشخص الذي تغيب، حقيقة، عنه السبل لإعانة عائلته، وتوفير لقمة العيش. والبحث عن الكماليات ليس من دواعي التسول. لكن الكثيرين يستغلون سذاجة البعض للشحذ، وتحقيق مكاسب دون حاجتهم الحقيقية إلى ذلك". وأضافت المتحدثة أن بعض هؤلاء يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي للقيام بذلك؛ إذ يعتقدون أن الاختفاء وراء تلك المواقع بهويات مزيّفة، يُعد حماية لهم، مؤكدة أن كثيرا ما يقوم البعض بذلك؛ بحجة "البعد مثلا، وعدم إمكانية بلوغ مكان لاقتناء تلك الحاجيات، أو عدم توفرها في السوق، أو غيرها من الأعذار، ليتدافع البعض محاولين كسب الأجر، وعرض ما لديهم، وتقديم مقتنياتهم دون أي مقابل". وقالت إن التسول من غير الحاجة ظاهرة مجتمعية مستهجنة. وباتت تبرز، بشكل أكبر، في المدة الأخيرة؛ بسبب تراجع القدرة الشرائية، خاصة بعد الأزمة الصحية العالمية التي خلّفتها "كورونا"، التي تركت أثرا على الجانب الاقتصادي، وبالتالي وجد الكثيرون أنفسهم عاطلين عن العمل بعد هذه الأزمة. وفي الختام أوضحت المتحدثة أن التسول تحوَّل إلى ظاهرة خطيرة، عندما أصبحت حرفة بعض المحتالين الذين يحاولون بطريقة مبتكرة، النصب على الأكثر سذاجة، ضاربين عرض الحائط قيم المجتمع، بنشر أفكار خاطئة، بل وتضر أيضا بالمحتاج الحقيقي، الذي يصبح التوجه إليه لمساعدته، سلوكا يتخلله الشك، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين وقعوا ضحايا تلك التصرفات؛ إذ يفقدون تماما الثقة، ولن تبقى لهم بذلك "النية" الطيبة للبحث عن محتاج حقيقي ومساعدته، فيتفادون بذلك الأمر؛ خوفا من الوقوع ضحايا مرة أخرى.