لعله الهروب إلى الطبيعة، لعله الانعتاق الأكثر بوحا والأكثر تعبيرا، بين النفس الإنسانية وبين الطبيعة علاقة حميمة، فالطبيعة وجدان انساني يتحرك ويحس خارجنا، في 24 لوحة معروضة برواق محمد راسم منذ الفاتح من أكتوبر والتي تستمر إلى غاية العاشر منه، التقت "المساء" بالفنان التشكيلي الأرجنتيني منيال كونسال وأجرت معه هذا الحوار. - المساء: لماذا الطبيعة؟ * منيال: حبي للطبيعة يخرج من خلال هذه اللوحات، ولهذه اللوحات عامل نفساني وجداني خاص بي فأهتم بالطبيعة وتهتم بي، والناس عندما ينظرون إلى الطبيعة لا يحسون بها ولا ينظرون للظل واللون والضوء، وعندهم يرونها مجرد طبيعة ثابتة وموجودة دائما. - نحس في لوحاتك الحركية، العشب المتحرك الهامس فيما مغزى هذه الحركية عندك؟ * أنا دائما أهتم في فني بالحركية وأخشى أن يكون جامدا أوراكدا، أنا أحرص على هذه الحركية وهذه التموجات وهذا التوجه إنما هو حوار بيني وبين الطبيعة في حركات وإيحاءات متبادلة. - من خلال تجولنا في هذا المعرض ووقوفنا على هذه اللوحات نلاحظ أن كل لوحة تحتوي على شجرة منفردة يتيمة، ليس هناك العديد من الأشجار فلماذا؟ * الشجرة هي الروح أوالشيء الذي يقابلني، هي الإنسان الذي أكلمه ويكلمني، وهذا الإنسان يكون واحدا ويكوّن هذه الشجرة فأتحاور معه، وهذه هي الفكرة الأساسية لعملي الفني هذا. - لم نلحظ على لوحاتك الموسومة بالطبيعة زهورا ويتغلب عليها اللون الأخضر والأصفر ولا ثلجا فكيف تفسر لنا هذا؟ * أكره الثلج والبرد وأحب الهدوء والسكينة والخلوة الفنية الموحية وهذا ما أعيشه في الطبيعة. - هل الألوان الطبيعية تنبع من داخل نفسك وتنعكس على الطبيعة أم أنها العكس تنبع من الطبيعة وترسم في نفسيتك؟ * هي في الحقيقة تعبير بين الحالتين، حالة داخلية عميقة في وجدان الفنان ألمسها وأعيشها، والحالة الثانية ما تمليه الطبيعة وما تعطيه بطريقة غير مباشرة خارج الطبيعة. - بعض اللوحات نلاحظ فيها البحر والماء، ما هي الرمزية التي يشكلها الماء؟ * ليس ما ترونه بحرا بل هو غدير، أحب البحر وأتحاور معه، البحر كائن ينبض بالحياة وبيني وبينه جدليه مستمرة وأوظف له وجوده وأجد له حواره. - هل أنت تحمل وطنك في فنك أم هي لوحات فرنسية تعكس طبيعة البلد الذي أنت مقيم به؟ * أحب كثيرا الأرجنتين لأنها مرتع طفولتي وشبابي، وهناك لوحات تعبر عن فرنسا لكنها تحمل عطر بلادي تعطيها الرائحة والذاكرة الخاصة بي. - ماهي اللوحة التي تمنيت رسمها ولم ترسمها؟ * هي من الأعمال التي في الانتظار، في الإنجاز والتوظيف، والطبيعة ليست لها نهاية، وهي بالنسبة لي مادة طيلة السنة تمنحني الفن والمواضيع فيها متنوعة بتنوع المادة. - ماهو الشيء الذي أضافته طبيعة الجزائر لأعمالك الفنية الطبيعية؟ * طبيعة الجزائر هي ذات التي أحملها، رأيت البحر والمدينة ولم أر الطبيعة، وفي هذه الأيام سأتوجه إلى جهات أخرى التي في إمكانها أن تتيح لي اكتشاف الطبيعة. - نلاحظ على أغلب أعمالك ولوحاتك السحاب غير الممطر؟ * أنا أحب الطبيعة التي يكون فيها السحاب ولا يكون فيها المطر، وهو الذي استلهم من خلاله الظلال والأضواء وربما الحركة لأن السحاب متحرك وكثير التشكل. - في أعمالك الفنية هذه يحضر الإنسان كظل ويغيب كصورة بما تعلل ذلك؟ * كل واحد يتحاور مع شجرة يستطيع أن يكون هو، هناك خيال، أم الناس فأراهم كثيرا، وأريد الطبيعة لذاتها التي لها حوارها الخاص. - أهم الدول التي عرضت فيها أعمالك؟ * المكسيك، الولاياتالمتحدة، الأرجنتين، فرنسا التي لي فيها معمل للرسم، كندا، أما بالنسبة للدول العربية فهذه أول مرة أعرض فيها أعمالي ولا تكون الأخيرة.