هل ستنجح الدبلوماسية المصرية في حمل الفرقاء الفلسطينيين على التوقيع على اتفاق مصالحة ينهي حالة الانقسام التي طال أمدها داخل البيت الفلسطيني وهي التي قادت مساعي حثيثة منذ أشهر للتوصل لاحتواء أزمته الداخلية؟ سؤال يعاد طرحه في كل مرة تجد القاهرة نفسها مضطرة وفي اللحظات الأخيرة إلى تأجيل التوقيع على اتفاق نهائي وشامل لحل الأزمة الفلسطينية بسبب استمرار الخلافات بين أهم فصيلين حركتي فتح وحماس. فمن قضية الأجهزة الأمنية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية إلى مسألة تحديد موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية مرورا بملف المعتقلين السياسيين ووصولا إلى تأجيل التصويت على تقرير غولدستون حول حرب غزة بقيت المصالحة الفلسطينية تتأرجح من موعد إلى آخر. وتوقع أمس رئيس الدبلوماسية المصرية أحمد أبو الغيط أن يتم مجددا تأجيل التوقيع على هذا اتفاق إلى غاية الشهر المقبل بعدما اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن الظروف في الوقت الراهن غير ملائمة للتوقيع عليه. وكانت مصر حددت تاريخ ال26 أكتوبر الجاري للتوقيع على اتفاق المصالحة من اجل إنهاء حالة الانقسام التي أثقلت كاهل البيت الفلسطيني منذ أكثر من سنتين ولكن الأجواء تلبدت في آخر لحظة بسبب إرجاء مجلس حقوق الإنسان التصويت على تقرير القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون حول الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة والذي تضمن إدانة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية. وإذا كانت القضية الفلسطينية على مستواها الداخلي لا تزال دون تسوية فالوضع لا يختلف كثيرا بخصوص مسألة إعادة إحياء مسار السلام مع الإسرائيليين. ومجددا عاد الموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل ليطلب من الفلسطينيين والعرب القيام بما وصفها بتحركات لاستئناف مفاوضات السلام وهو الذي اسقط من خطابه هذه المرة موضوع تجميد الاستيطان الذي تطالب به السلطة الفلسطينية وتراجعت عنه الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولم يجد ميتشل ما يقدمه في هذه الجولة سوى تحميل مسؤولية تحريك عملية السلام إلى العرب وقال خلال تواجده أمس بالعاصمة المصرية القاهرة أن "كل من يؤمن فعليا بالسلام يجب أن يتحمل مسؤولية تحركات تتيح تحقيق هذا الهدف" وهو الخطاب الذي كان من المفروض أن يوجهه الموفد الأمريكي للمسؤولين الإسرائيليين الذين يتعمدون تقويض كل محاولة لإخراج عملية السلام من غرفة الإنعاش بتمسكهم بمواقفهم المتعنتة. وتجدر الإشارة إلى أن استمرار الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة والاعتداءات على مدينة القدس والمسجد الأقصى تشكل عقبة كبيرة أمام جهود استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. وكان جورج ميتشل وصل أول أمس إلى القاهرة في إطار جولته الجديدة للمنطقة قادما من إسرائيل والأراضي المحتلة حيث جدد تأكيده دعم واشنطن لتعايش بين إسرائيل ودولة فلسطينية. وذكر أنه طلب من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إرسال مبعوثيهما للولايات المتحدة من أجل مواصلة المباحثات حول سبل استئناف المفاوضات السياسية وإحياء عملية السلام مشددا على أن تحقيق السلام في المنطقة مهم لجميع الأطراف بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومن المقرر أن يقدم ميتشيل تقريرا إلى هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية حول نتائج مباحثاته مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على أن يقدم الاثنان تقريرا إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخميس القادم حول إمكانية استئناف مفاوضات التسوية السياسية. وتتزامنت زيارة جورج ميتشل إلى المنطقة مع مسلسل الاقتحامات المتكررة من قبل مجموعات يهودية متطرفة للمسجد الأقصى وما تقوم به سلطات الاحتلال من أعمال عدوانية ضد مدينة القدس والمسجد الأقصى لتغيير الواقع على الأرض. وقد أصيب عشرات الفلسطينيين في اشتباكات عنيفة اندلعت الأسبوع الماضي في محيط المسجد الأقصى بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والمحتجين الفلسطينيين بعد حصار شامل فرضته الشرطة الإسرائيلية على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. ولا يزال الفلسطينيون يعتكفون داخل المسجد الأقصى للتصدي لأية محاولة من جانب اليهود المتطرفين لاقتحامه وإقامة صلوات تلمودية في باحاته بمناسبة ما يسمى بعيد "العرش اليهودي".