دعا مهندسون معماريون السلطات الى تجنيد الجهات المختصة لتسوية المدن الفوضوية التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة وأصبحت عبارة عن محاور تجارية وأقطاب اقتصادية مهمة تتداول فيها يوميا الملايير، وهي المدن التي شيدت بطريقة عشوائية وبدون رخص البناء أو لا تحترم هذه الرخص في حال توفرها. وذلك في خطوة لتغيير واجهة المدن الجزائرية التي اكتسحتها البنايات غير المطابقة للمعايير في أغلب الحالات والتي بنيت على أرضيات غير صالحة للبناء مما يهدد بوقوع كوارث في حال حدوث زلزال أو فيضانات، علما أن 20 بالمائة من البنايات الفوضوية مشيدة فوق أرضيات غير ملائمة. وأشارت السيدة عائشة واضح ممثلة المجلس الوطني للمهندسين المعماريين خلال الندوة التي نظمها منتدى "جريدة المجاهد" أمس أن هذه المدن التي بنيت بطرق فوضوية أصبحت تشكل خطرا كبيرا كونها بنيت بدون دراسات كما أن العديد منها بني فوق أرضيات غير صالحة، في حين أن البعض الآخر منها لا يحترم المخطط الذي رسم له في البداية وهو ما شوه المنظر العام لهذه المدن كحي الحميز بالعاصمة الذي تحول الى مدينة تجارية لا تزال في توسع مستمر يوما بعد يوم، كما أن هذا الطابع الفوضوي أصبح يطرح عدة مشاكل أخرى كالازدحام والتلوث وغير ذلك في ظل غياب العديد من المرافق الضرورية كالطرقات اللازمة وقنوات الصرف والكهرباء. وفي هذا السياق اجمع المهندسون المعماريون خلال هذه الندوة أن مشاكل هذه المدن التي عرفت توسعا سريعا لا يمكن حله وتسوية كل بناية بطريقة منفردة بل لا بد من مخطط حول كل المدينة لضبط واجهتها المعمارية وهو ما يتطلب تجنيد كل الجهات بما فيها الإدارة. وأضاف الخبراء أن الجزائر تحصي حاليا حوالي مليون و200 ألف بناية غير مكتملة عبر التراب الوطني تحصل أصحابها على رخص لإنجازها غير أنهم لم يتموها وفق ما هو محدد في رخص البناء، مشيرين الى أن القانون الأخير الذي أصدرته وزارة السكن والعمران صارم في هذا المجال. وهي المناسبة التي عبروا من خلالها أن المهندسين المعماريين لا يمكنهم متابعة هذه البنايات ومراقبة عمليات انجازها بالطريقة اللازمة وفق ما ينص عليه هذا القانون كونهم "لم يستشاروا كمختصين في الميدان عند إعداده". وتوجد حاليا 1450 بلدية على المستوى الوطني معنية بتطبيق هذا القانون وهي البلديات التي توجد بها بنايات غير مكتملة أو مشيدة فوق أرضيات غير ملائمة وذلك قصد تفادي الأخطاء السابقة التي ظهرت أثناء زلزال بومرداس في سنة 2003 وفيضانات غرداية في سنة 2008 حيث أكدت الخبرة أن العديد من البنايات شيدت فوق أرضيات غير ملائمة كما أنها لم تحترم المقاييس الواجب توفرها. وفي هذا السياق ذكر ممثلو المجلس الوطني للمهندسين المعماريين أن 20 بالمائة من البنايات الفوضوية حاليا مبنية على ضفاف الوديان وفي مناطق غير صالحة للبناء والسكن بالغابات. وهو ما يهدد بوقوع كوارث. كما ألح المختصون على أهمية إعداد خريطة جغرافية وطنية تحدد جميع المواقع العقارية وتدرس الأرضيات، تكون بمثابة مرجع يتم اللجوء إليه عند الرغبة في انجاز أي مشروع لمعرفة مدى صلاحية الأرضية المعنية للبناء من عدمها. وذلك بإشراك المهندسين المعماريين المقدر عددهم حاليا ب12 ألف مهندس على المستوى الوطني للمساهمة بخبرتهم في إعداد هذه الدراسة. وذكر هؤلاء المختصين أن العاصمة التي تتواجد بها العديد من البنايات القديمة الآيلة والمهددة بالسقوط في أي وقت تشكل خطرا كبيرا على السكان، داعين إلى ضرورة الإسراع في إيجاد حل لها من خلال ترميم ما يمكن ترميمه وتهديم تلك البنايات التي تبين الخبرة عدم صلاحيتها وعدم قابليتها للترميم، وذلك بغية تجديد واجهة الجزائر وإعطائها طابع العاصمة.