زحفت قوافل المتظاهرين من مختلف أحياء العاصمة لتدخل ساحة بلوزداد (بلكور سابقا)، لتضع تاريخا خالدا تسترجع مآثره يوم 11 ديسمبر من كل سنة.استرجعت دارالثقافة 11 ديسمبر بوسط بلدية بلوزداد تاريخ مظاهرات 1960، من خلال احتضانها لندوة تاريخية نظمها متحف المجاهد بالرغاية بالتنسيق مع بلدية بلوزداد. بداية أشار المجاهد الحسني القاسمي (صهر العربي بن مهيدي) إلى أن مظاهرة 1960 فكت الخناق عن جيش التحرير الوطني الذي كان محاصرا بنار فرنسا (من تحته ومن فوقه حسب شهادة بن طوبال) وأصبح الجندي الجزائري لا يتعدى وزنه 30 كلغ، بالمقابل، تكثفت مؤامرات ديغول مستهدفة الشعب الجزائر بما فيها فصله عن جبهة التحرير، فهب الشعب نتيجة وعيه ليتمرد على فرنسا وليدفع المزيد من الشهداء خلال هذه المظاهرات (حوالي 900 شهيد)، مما أضطر "ديغول" إلى الانسحاب بخيبته ويأسه من شراء ذمة هذا الشعب، رغم فقره ومرضه وجهله وعبوديته، وليفهم أن الجبهة والشعب كيان واحد غير قابل للفصل. وأشار المجاهد القاسمي كذلك إلى أن "ديغول" سئم قذارة جنرالات فرنسابالجزائر، الذين شوهوا شرف فرنسا إلى الأبد، لذلك دعا هذا المجاهد إلى ضرورة متابعة هؤلاء المجرمين ومتابعة فرنسا لاسترجاع حقوق الجزائريين ولو كلف ذلك الانتظار طويلا. وأتيحت الكلمة كذلك للمجاهد الطيب عباس، وهو من أكبر مجاهدي "بلكور" (88 سنة)، ليفتخر بالثورة وبهويته التي يعكسها طربوشه الذي لم ينزعه منذ عقود من الزمن. وروى هذا المجاهد كيف اشتعلت المظاهرات ب "بلكور"، وبالضبط بمقهى قبالة "الأروقة"، أين يوجد حاليا نصب 11 ديسمبر. مضيفا أن فرنسا قتلت فتى جزائريا ورمته أمام الجزائريين بالمقهى، ولما اشتكوا للقبطان الفرنسي قال "افلعوا ما تشاؤون"، فاشتعلت المظاهرات وتم تكسير الأروقة، وامتدت موجة الغضب حتى احياء "رويسو"، "المدنية" وساد التكبير ليلا ونهارا. أما المجاهد أمين لعروسي (بطل ملاكمة سابق) وأمين قسمة المجاهدين لبلدية الجزائر الوسطى، فتحدث عن الأوامر التي تلقاها وبعض رفقائه من الجبهة، منهم بوسماحة، وذلك لتنظيم مظاهرات سلمية (بدون سلاح) أيام 9 و 10 و11 ديسمبر والتي شهدها هو في حي القصبة، يقول عمي أمين "ألقى الجنود القبض على الفتيات والنساء اللواتي كن يحملن الراية الوطنية في المظاهرة، لكني تقدمت ليأخذوني بدلهن، خاصة وأني كنت مطلوبا عند الشرطة الفرنسية". ثم عدد المجاهد انتهاكات الجيش الفرنسي في هذه الملحمة وقتله العشوائي للمتظاهرين حتى للأطفال منهم، كما حدث مع طفلة رميت بالرصاص أمام مسجد كتشاوة. أما المحاضر حميد رابية، فأشار إلى أن المظاهرات بينت قوة جبهة التحرير وأنها الممثل الوحيد للشعب، كما بينت قوة التنظيم في المظاهرة، حيث تقدم الشباب ثم الرجال فالنساء في الصف الأخير، وانتشرت عبر كامل القطر الوطني بنفس القوة. للتذكير، فقد أقيم ببهو دار الثقافة وعلى هامش هذه الندوة، معرض للصور الفوتوغرافية مرفوقة بسير بعض الشهداء.