كشف وزير المالية السيد كريم جودي أمس بمجلس الأمة عن شروع المفتشية العامة للمالية في إجراء تحقيقات معمقة حول قضايا الفساد والرشوة في بعض القطاعات لإعداد تقارير مفصلة حولها، وأضاف أن الحكومة عززت إجراءات مراقبة نفقات المشاريع الكبرى، من خلال إخضاع عمليات تقييم المشاريع الى موافقة مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية وتفعيل دور الصندوق الوطني للتجهيز من اجل التنمية "كناد". وعدّد وزير المالية في رده على انشغالات أعضاء مجلس الأمة لدى مناقشتهم مشروع قانون المالية للعام القادم والتي تركزت بالخصوص على ترشيد النفقات وفرض الصرامة في توظيف المال العام الإجراءات التي بادر بها الجهاز التنفيذي في سياق التحكم أكثر في ميزانية المشاريع الكبرى او ما يعرف بمشاريع الرئيس بوتفليقة، خاصة بعد الفضائح التي مست بعض القطاعات وشروع العدالة في التحقيق فيها لمحاكمة المتورطين . وبموجب التدابير الجديدة، فإن كل المشاريع التي سيتم انجازها ستخضع لموافقة قبلية من طرف الصندوق الوطني للتجهيز من اجل التنمية الذي يتولى مهمة تقييم المشاريع وإعداد تقارير بهذا الخصوص تسلم إلى وزارة المالية. وأوضح الوزير أن قيمة المشاريع التي يتكفل الصندوق حاليا بمتابعتها تقدر ب 2743 مليار دينار (قرابة 35 مليار دولار) أي ما يعادل 72 بالمائة من إجمالي المشاريع الجاري انجازها والمقدرة ب 3775 مليار دينار. وأكد الوزير، بأن مصالحه قامت بتدعيم دور ومهام المراقبين الماليين المكلفين بمتابعة النفقات المقررة، بحيث وضعت وزارة المالية جهاز إنذار لمنع تجاوز النفقات المقررة، والتي لا يسمح بتجاوزها إلا بعد موافقة السلطات العمومية، وأضاف في السياق، بأن كل عمليات إعادة تقييم المشاريع الكبرى بنسبة تفوق 15 بالمائة ستعرض على مجلس الوزراء لإبداء الرأي فيها اما بالموافقة او الرفض. وفي سياق تعزيز إجراءات الرقابة على صرف المال؛ اكد الوزير أن الأمر لا يتوقف فقط عند ضبط عملية إعادة التقييم المالي للمشاريع الكبرى ولكن أيضا تعزيز الدور الرقابي الذي تضمنه المفتشية العامة للمالية، وكشف السيد جودي النقاب عن مراسلة وجَّهها مؤخرا الى مصالح المفتشية يطالبها فيها بفتح تحقيقات حول قضايا الفساد في عدة قطاعات منها الفلاحة والأشغال العمومية والنقل والمالية، وأضاف بأن فرق التحقيق أجرت 128 عملية مراقبة على مستوى القطاعات المعنية للتحقق في بعض الفضائح، وأنه تم إصدار 154 تقريرا حول التجاوزات المسجلة، كما أحصت خلية الاستعلام المالي 503 تصريح بالشبهة وتتعلق بعمليات مشبوهة عادة ما ترتبط بمحاولات تبييض الأموال. وكان وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب بلعيز، أكد قبل أسبوع بمجلس الأمة في رده على سؤال شفهي حول ملفات الفساد التي عالجها القضاء أن العدالة نظرت منذ 2006 الى غاية السداسي الأول من السنة الجارية في أكثر من 2600 قضية أدين فيها أكثر من 5 آلاف شخص. ومن جهة أخرى، في رده على أسئلة أعضاء مجلس الأمة بخصوص ملف مسح ديون الفلاحين والمشاكل التي اعترضت تنفيذ قرار رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة المتخذ في 28 فيفري الماضي، أوضح الوزير أن الملفات العالقة لا تتجاوز نسبتها ال1 بالمئة، وأنه لا يوجد أي غموض في تطبيق الإجراء، وأشار الى ان وزارة المالية تشرف حاليا على معالجة الملفات العالقة حالة بحالة، وأغلبها هي ملفات استثمار في معاصر الزيتون وكذا غرف التبريد، وذكر بأن العملية سمحت منذ الشروع فيها بمسح ديون تبلغ قيمتها الإجمالية 36,2 من أصل 41 مليار دينار وهي الديون المستحقة لدى بنك الفلاحة والتنمية الريفية والصندوق الوطني التعاوني الفلاحي وبعض المؤسسات المالية الأخرى وهو القرار الذي استفاد منه 77479 فلاحا. وعاد وزير المالية السيد كريم جودي في تدخله إلى التخوف الذي أبداه بعض أعضاء مجلس الأمة بخصوص القدرة المالية للجزائر في الاستمرار في تمويل المشاريع الكبرى والمسجلة في اطار البرنامج الخماسي المقبل في ظل الازمة المالية العالمية وتراجع سعر النفط في الأسواق العالمية وتأثير ذلك على عائدات الجزائر، وفي هذا السياق، أكد بأن انخفاض عائدات الصادرات والجباية النفطية بفعل الركود الاقتصادي العالمي "لم يقلص من قدرات تأمين الإنفاق العمومي على المدى المتوسط ولا من قدرات الاستيراد". وأرجع الوزير استقرار التوازنات الداخلية والخارجية للجزائر إلى موارد صندوق ضبط الإيرادات وارتفاع احتياطي الصرف الى 146 مليار دولار وكذا انخفاض مستوى الدين الخارجي. من جانب آخر أكد الوزير بأن التدابير التي أقرتها الحكومة في مجال التجارة الخارجية سمحت بخفض فاتورة الاستيراد، بحيث بلغت الفاتورة الى غاية نوفمبر الماضي 34,9 مليار دولار مقابل 36,1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الفارط، مشيرا إلى أن الإيرادات الجبائية بلغت خلال العشر أشهر الأولى من العام الحالي 3099 مليار دينار، منها 62 بالمائة من إيرادات الجباية البترولية و 38 بالمائة من الجباية العادية. وللإشارة فإنه من المنتظر أن يصوت صباح اليوم الأربعاء أعضاء مجلس الأمة على مشروع قانون المالية للعام القادم في جلسة علنية يترأسها السيد عبد القادر بن صالح رئيس المجلس. وكان المجلس الشعبي الوطني صوت بداية الشهر الجاري وبالأغلبية على نص المشروع.