اعتدوا على الحافلة بالقاهرة وفكروا في بعث قوات خاصة إلى السودان من الصعب على المصريين ان يصدقوا كل السيناريوهات التي نسجوها قبل وبعد خروجهم من تصفيات المونديال، خاصة وان خروجهم هذه المرة كان أمام الجزائر التي لا يريدونها ان تتفوق عليهم في أي مجال حتى ولو في مجال الكرة. وإذا كانت وسائل الإعلام المصرية ومن ورائها المسؤولون في اتحاد الكرة المصري قد نجحت لبعض الوقت في الضحك على المصريين، بالقول انهم تعرضوا للإهانة من قبل الجزائريين في ام درمان في 18 نوفمبر الفارط وافلحوا في تأجيج مشاعر العداء ضد الجزائريين الى درجة ان هناك من دعوا وعلى المباشر إلى قتل الجزائريين المقيمين في مصر من خلال بعض الفضائيات التي مازالت رموز الفتنة فيها بدون عقاب، فإن بعض هؤلاء المصريين الذين تناسوا ما حدث في القاهرة يوم 14 نوفمبر الفارط، قد احتاروا في ما هو أقرب من هذه السيناريوهات الى العقل حتى يصدق... والعجيب ان مسؤولين كبارا يتجرأون اليوم ويقولون كنا نعلم بما سيحدث بالسودان ولكن مع الاسف لم تتوفر لديهم الجرأة السياسية والادبية ليتحدثوا وبصراحة عما تعرض له الوفد الكروي الجزائري الرسمي بالقاهرة يوم 14 نوفمبر 2009. ولا شك ان من يسعى الى التهدئة عليه ان يقول لجماهيره الغاضبة الحقيقة لتكون المصارحة والمكاشفة مقبولة، لأن القول سنرد في الوقت المناسب يعني ان هناك من يسعى الى المزيد من تأجيج هذه المشاعر الغاضبة وحبك المزيد من السيناريوهات. وإذا كان وزير الخارجية المصري قد اشار في برنامج "حالة حوار" عبر التلفزيون المصري، بأن وزارته كانت على علم بما سيحدث في السودان وانها وضعت ثلاثة اقتراحات لتفادي الازمة التي حدثت، فهو بالمقابل لم يفوت الفرصة لرفض ما وصفه ب"الأفعال الهمجية" و"أعمال الترهيب" التي تمت حسب وصفه من بعض جماهير الجزائر ضد الجماهير المصرية. وإذا كان المصريون قد نجحوا في صرف انظار الجماهير الكروية المصرية عن هزيمة منتخبهم في ام درمان أمام الخضر، من خلال نسج هذا السيناريو المثير الذي يتحدث عن همجية بعض الجزائريين وأعمال الترهيب، فإن ما خفي عنهم أكبر وأعظم وان هناك من الرسميين من يقولون بأن الحقيقة غير ذلك. وهنا نتساءل لماذا سكت ابو الغيط عن حادثة طريق المطار ولماذا تغاضى كل من تحدثوا من الرسميين المصريين عما فعله "الالتراس" في القاهرة يوم 14 نوفمبر الفارط؟ وهنا لابد أن نذكر الروايات المصرية الأكثر واقعية لنذكر وزير الخارجية المصرية، بأن الأفعال الهمجية كانت من سلوك بعض المصريين الذين اتفقوا على الاعتداء على حافلة المنتحب الجزائريبالقاهرة، وان هذا الاتفاق كما يرويه بعض المصريين تم بين اثنين من مسؤولي اتحاد الكرة المصري وعدد من جماهير "الالتراس". وقد نص الاتفاق على قذف حافلة المنتخب الجزائري على طريق المطار ب"الجزم" أي الأحذية، ولكن تقول الرواية تطور الأمر وتم الأعتداء على الحافلة بالحجارة وكل المقذوفات وكانت الحصيلة إصابة أربعة لاعبين جزائريين، فهل هناك إرهاب أكثر من هذا؟ وانطلاقا من هذه الرواية يمكن تصديق الاقتراح الثالث الذي تحدث عنه الوزير المصري والذي ينص على ارسال قوات مصرية خاصة من الجيش والشرطة بملابس مدنية، وهو الاقتراح الذي تم العدول عنه كما يقول ابو الغيط خوفا من توتر الأجواء مع السودانيين. والحقيقة في رأينا غير تلك لأن المصريين في الواقع وبعد ان دونت ضدهم ملاحظات سيئة اثر الهجوم على الحافلة وإجبارهم من الفيفا على تقديم التزام مكتوب بعدم التعرض للجزائريين، خافوا من توقيع الاتحاد الدولي "فيفا" عقوبات تصل الى حد الإيقاف عن النشاط الرياضي لعشر سنوات لو اكتشف تدخل الدولة، ومن هنا تراجعوا عن ارسال قوات خاصة الى السودان وانصرفوا الى نسج سيناريوهات أغرب من الخيال لا تصلح إلا لتصوير أفلام درامية، خاصة وانهم أوفدوا الى ام درمان كبار الممثلين والفنانين والكتاب ممن نكتوا علينا لعدة أيام وتحدثوا عن ضرب واعتداءات دون ان يقدموا دليلا واحدا يدين همجية الجمهور الجزائري أويكشف أعمال الترهيب التي تحدث عنها ابوالغيط وزاهر وروجت لها الفضائيات المصرية وبعض الصحف. زاهر يلغي مؤتمره الدولي في غياب الأدلة في غياب أية أدلة ملموسة ها هو رئيس الاتحاد المصري من جهته يتراجع عن عقد مؤتمره الدولي لسب الجزائر وفضح الممارسات المزعومة لجمهورها في السودان، ويبرر ذلك بتدخل جهات من خارج الاتحاد، لكنه يستدرك ويقول لقد تلقى اتحاد الكرة مراسلة من وزارة الخارجية المصرية تطلب منه التخلي عن تنظيم هذا المؤتمر. أما الرواية الأكثر واقعية فقد أشارت إلى أن زاهر ليس له ما يقوله في هذا المؤتمر سوى ما ردده منذ هزيمة المنتخب المصري في السودان، حيث كان يتحدث في كل مرة عن اعتداءات حدثت خارج الملعب دون ان يقنع بها أحدا بما في ذلك الاتحاد الدولي الذي طلب منه تقديم الملموس في الملف الذي أودعه لدى الفيفا. والطريف ان زاهر يتعرض هذه الأيام إلى حملة شرسة من قبل الفضائيات المصرية والكثير من الصحف، الى درجة ان زاهر قد احصى في جمعة واحدة 50 ساعة من البث التلفزيوني ضده، حيث اشار الى ذلك في مؤتمره الصحفي الأخير. مسيلمة زمانه.... أما الكابتن شحاتة مدرب مصر وبعد ان خسر ورقة المايسترو محمد ابوتريكة فقد عاد للحديث عن حالة التسمم التي تعرض لها بالبليدة في لقاء الذهاب بين الجزائر ومصر، حيث أوضح بأن تسممه كان سببا في الهزيمة النكراء التي مني بها المنتخب المصري، بالرغم من انه قال في تصريحات سابقة بأنه تعرض لوعكة صحية ولم يتعرض الى تسمم، فهل ان الكوتش ممن يصدقون كذبتهم ام تحول الى مسيلمة زمانه ؟ أسئلة تطرح في خضم الجدل الدائر بين الذين تستروا على الاعتداء الذي تعرض له الوفد الكروي الجزائري الرسمي في القاهرة يوم 14 نوفمبر الفارط ويحاولون اليوم التغطية على ذلك بافتعال سيناريوهات وهمية لما اعتبروه اعتداءات جزائرية.