يواجه الإعلام الرياضي في الوطن العربي بصورة مدا ئمة ، انتقادات مستمرة على الحالة التي وصل إليها الإعلام الرياضي، خاصة من ناحية مستوى لغته المتداولة، وهي المشكلة التي لازالت تطرح بإلحاح عند الصحافة المختصة التي نزلت بلغتنا إلى الحضيض، لكن رغم موضوعية هذه الانتقادات، إلا أنها لا تزال بعيدة عن الإلمام بكل النقائص التي يعاني منها إعلامنا الرياضي والتي يتصدرها - حسب اعتقادي - غياب الجانب العلمي أو ما يعرف بالإعلام العلمي الرياضي، وذلك بالرغم من دوره الكبير في نشر الثقافتين العلمية والرياضية. وقد أصبح الجانب العلمي في الرياضة في عصر البحوث والتكنولوجيا، ركيزة هامة جدا من أجل تطوير الرياضة وقد قطعت البحوث العلمية في المجال الرياضي مشوارا متقدما جدا من حيث النتائج البحثية النظرية والتطبيقية دون أن تحظى هذه النتائج بمواكبة ميدانية من طرف الإعلام الرياضي العربي، على غرار ما يحدث في البلدان المتقدمة. والأسباب الداعية إلى غياب هذا النوع من الإعلام في وطننا العربي كثيرة ومتشعبة، فهو بداية متأثر بنفس المؤثرات التي مست الإعلام العلمي بصفة عامة، الذي يواجه أزمة وجود لغياب البيئة الملائمة التي يمكنه الترعرع فيها، لكنه في الرياضة متأثر بالجانب الاقتصادي والمالي، فكرة القدم وأخبار نجومها الكروية وغير الكروية، هي المادة الغالبة والمتفوقة في استقطاب الجماهير العريضة.. لكن هذا الانسياق لرغبة الجمهور يتحمل عبئه الإعلاميون بالدرجة الأولى، فهيام الجماهير بكرة القدم لم يكن بالفطرة وإنما هي ثقافة نمت عندهم باستمرار كما تنمو البذرة بفعل تأثير إعلامي محض، وبتفاعل عكسي مع التطور الذي أحرزته الرياضة وكرة القدم بصفة خاصة، وهذا يعني أن استمالة الجماهير العريضة نحو الإعلام الرياضي العلمي وغرس الثقافة الرياضية العلمية فيهم، أمر ممكن جدا. وتفاجأت مؤخرا للاهتمام المتزايد لبعض شبابنا برياضة التنس التي كانت في وقت سابق آخر اهتمامات هواة الرياضة، حيث أصبح نادال وفيديرار من الأسماء المتداولة على ألسنة شبابنا المنافسة لأسماء كبيرة في عالم الكرة. كما أن نقص البحوث العلمية في المجال الرياضي داخل وطننا العربي وبعدنا عنها، هي أيضا من بين أهم هذه الأسباب، ولهذا نجد أن الإعلام الرياضي العلمي منتشر جدا في الدول المتقدمة علميا كالولايات المتحدةالأمريكية وإنكلترا، التي يولي فيها الباحثون العلميون اهتماما متزايدا لعلوم وتكنولوجيا الرياضة، خاصة من الناحية الصحية والدور الذي يمكن أن تلعبه الرياضة في محاربة الأمراض والحفاظ على صحة الإنسان. وأتذكر جيدا ذلك اليوم الذي عقد فيه البروفيسور جيري دفوراك، مدير مركز البحوث الطبية التابع ل"الفيفا"، ندوة صحفية بالجزائر، للإعلان رسميا عن نتائج البحث العلمي الميداني حول تأثير الصيام على لاعبي كرة القدم، فرغم أهمية الموضوع والبحث، إلا أن عدد الصحفيين الذين تنقلوا لتغطية الندوة لم يتجاوز عدد أصبع اليد. وكان من نتائج هذا البحث العلمي الذي أجري بتونس على 60 لاعبا، أن الصيام الشرعي وفق السنة النبوية، لا يؤثر أبدا على النشاط البدني للاعبين، بل هو مصدر طاقوي كبير لأنه يزيدهم قوة ونشاطا، حسبما أكده جيري دفوراك، ألا يستدعي هذا الخبر حضورا إعلاميا في المستوى؟