الساعة تشير إلى 7.30 وكما هو دأبها في هذه الساعة من صباح كل يوم منذ أكثر من سنة تأخذ خيرة ابنة ال 25 ربيعا مكانها في مقصورة (القيادة رقم 34 بأحد قطارات محطة الورشات في الحامة (الجزائر العاصمة) حيث تقوم محطة الورشات للحامة (بلوزداد) مقام حظيرة للشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية تركن فيها القاطرات أثناء الليل لتنطلق في الصباح الباكر نحو مختلف الاتجاهات تعمل خيرة لدى الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية كسائقة قطار على مستوى شبكة الجزائر العاصمة وضواحيها على غرار 10 من زميلاتها اللائي يعملن لدى نفس الشركة في قطارات تؤمن النقل على المسافات القصيرة في ضواحي الجزائر لأسباب لا تخفى على عاقل، وما من عقدة نقص تنتاب علاقات هاته السائقات بزملائهن ال 256· تجلس خيرة في مقصورة القيادة إلى جانب تقني (رجل) طبقا للمعايير المعمول بها والتي تقتضي أن يقود القطار شخصان، وبعد عملية المراقبة المعتادة تشغل خيرة القطار (3.300حصانا) الذي يسحب 12 مقصورة يركبها مئات المسافرين باتجاه منطقة تقع على بعد 10 كم· تتابع خيرة باهتمام حركات الإبر التي تمتد على طول لوحة القيادة قبل أن تعطي إشارة انطلاق القطار، وتبرهن أن المرأة تمتلك إرادة قوية في شغل كل مناصب العمل التي تتيحها الشركة عن جدارة، وهي تحقق حلمها الذي يتمثل في ممارسة مهنة "ليست بالسهلة"· خيرة خريجة الدفعة الأخيرة للتقنيين الذين تم تكوينهم سنة 2005 بالمعهد العالي للنقل بالسكك الحديدية للرويبة، حيث تحصلت 11 إمرأة إلى يومنا على نفس شهادة خيرة التي نشأت في عائلة بسطية وعنيدة حين يتعلق الأمر بتأمين التكوين الملائم لأبنائها· شاركت خيرة في التكوين الذي دام 10 أشهر الى جانب 50 عونا من الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية حيث اطلعوا على العديد من الميادين كأمن القطار وتقنيات القيادة الحديثة والإشارات الخاصة بالسكك الحديدية والاتصالات السلكية واللاسلكية·· الخ· وكان التكوين متبوعا بجانب تطبيقي من خلال القيام باختبارات تقييمية على قطار نموذجي اعتبرتها خيرة جد مفيدة· وعن السبب الذي جعل خيرة تعمل كسائقة قطارات أكدت هذه الاخيرة أن الأمر يتعلق بصدفة محضة، مشيرة الى أنها اطلعت على إعلان في إحدى الجرائد· يكن جيران خيرة القاطنة بحي حسين داي كل الحب والاحترام لها ويحييها الجميع لدى مرورها لاسيما بعد ظهورها على شاشة التلفزيون سنة 2005 حين تخرجت في إطار أول دفعة من النساء التقنيات بالسكك الحديدية·وأكدت خيرة أن عائلتها وجيرانها وكذا زملاءها لايرون أي مانع من أن تقوم امرأة بقيادة قطار ولا في أن يحذوها أمل في ارتقاء سلم المراتب، وأوضحت أن "قيادة قطار ليست بأصعب مما تقوم به المرأة الجزائرية في قطاع الصحة مثلا حيث تنقذ يوميا حياة العديد من الأشخاص·تهوى خيرة فن الرسم فهي تقضي وقت فراغها في رسم لوحات لتهرب بها بعيدا عن قساوة عالم السكك الحديدية·