احتضنت قاعة "مفدي زكريا" بقصر الثقافة أول أمس، العرض الشرفي للفيلم الوثائقي "العودة إلى الطبيعة" لصاحبه ربيع رحو الذي حاول سد النقص الذي تعرفه بلادنا في هذا الاختصاص، على الرغم من توفر الوسائل والخبرات، وكذا المادة العلمية والفنية، مما أدى وعبر سنوات طويلة، إلى جهل ما تزخر به الجزائر من طبيعة ومن دورات الحياة عند الكائنات المستقرة بها، وليبقى الفيلم الوثائقي العلمي سيدا عند الجمهور العريض. يعرض فيلم "العودة إلى الطبيعة" من خلال 52 دقيقة، علاقة الإنسان بالطبيعة، وهي العلاقة التي بدأت بالتلاشي مع مرور الزمن وفق آليات ومتطلبات التطور الذي ساهم بشكل كبير في إبعاد الإنسان عن أحضان الطبيعة التي كانت جزءا فاعلا في حياته. اختار الفيلم حظيرة الشريعة بالأطلس البليدي باعتبارها رئة حوالي 8 مليون نسمة يقيمون بالولايات المجاورة للمنطقة (50 كم فقط عن العاصمة)، كما أن الحظيرة تعتبر ثروة طبيعية ومحمية تأوي العديد من أصناف الحيوانات والحشرات والطيور الكثير منها نادر، إضافة إلى كونها قبلة للزوار الذين أنهكتهم زحمة المدن، كما أنها مخبر لعلماء الطبيعة. تم التعرض أيضا إلى الإهمال والتخريب الذي طال الحظيرة من طرف بعض الزوار الذين يجهلون ثروات هذه المنطقة. إن وجود حيوانات نادرة بالمنطقة، أثار فضول أصحاب هذا الفيلم وذلك قصد اكتشاف هذه الحياة ودورها الإيكولوجي وكذا تأثرها السلبي باعتداءات الإنسان مما جعلها عرضة للانقراض. في حديثه مع "المساء"، أشار مخرج الفيلم السيد ربيع رحو إلى أن البيئة ملهمته في هذا الفيلم الوثائقي الطويل، وهو يجمع بين العلمي والسوسيولوجي وكانت الشريعة فيه صورة مصغرة لحالة البيئة في بلادنا وفي العالم عموما. يقول المخرج "اخترت أحد النسور كبطل للفيلم وهو نوع نادر جدا في العالم لا يكاد يعيش إلا في الجزائر ورافقته بالتصوير من يوم ولادته إلى بلوغه 4 أشهر من عمره....". وأشار المتحدث أيضا إلى أن كل طاقم الفيلم كان جزائريا ما عدا تقني فرنسي قدم خبرته التقنية في مجال أجهزة تقنية حديثة، إضافة إلى الاستعانة في مجال الموسيقى بأكبر موسيقيي بلغاريا. استغرق إنجاز الفيلم 8 أشهر (تصوير وتركيب) وساهم خبراء الحظيرة بتجاربهم في الفيلم، الذي سيبث لاحقا في دور السينما وهو من إنتاج "الكواكب للإنتاج السمعي البصري" (مؤسسة سينماتوغرافية). ويرى المخرج أن ساحة الإنتاج عندنا تكاد تكون خالية في هذا المجال، على الرغم من الاهتمام البالغ الذي يوليه الجمهور الجزائري لهذا النوع من الأفلام ومدى ارتباطه بالقنوات الأجنبية المتخصصة، ويكاد يحفظ عن ظهر قلب بعض الأشرطة خاصة تلك المتعلقة بالبيئة والحيوانات. المخرج أكد أنه سيواصل في هذا المجال لأن الجزائر قادرة على أن تمده بالمادة الأولية لأفلامه. يذكر أن بالجزائر فهد الصحراء الذي لا يوجد في أي مكان آخر في العالم وكذلك نسر سيركا موضوع الفيلم (العودة إلى الطبيعة) وكلاهما لم تصوره أية كاميرا في العالم. للتذكير، فإن العرض كان قويا مزجت فيه الموسيقى بأصوات الحيوانات النادرة وبالتصوير المتنوع البطيء، السريع والعادي والأفقي والمسطح، إضافة إلى سيناريو الفيلم الذي كتبه محمد بورقعة والذي قرأه الفنان فيصل عجايمي وبدت فيه الأدوات الفنية واضحة أخرجته من دائرة السرد والوصف.