نقل حقوقيون صحراويون قدموا من داخل المدن المحتلة إلى الجزائر صورا مرعبة عما يعانيه السكان الصحراويون في ظل اشتداد اليد القمعية المغربية ضدهم وأكدوا أن مجيئهم يعد في حد ذاته رسالة تحد وصمود ضد غطرسة النظام المغربي الذي يسعى بشتى الطرق إلى تكميم الأفواه وكتم أصوات الصحراويين في الأراضي المحتلة المطالبين بحقهم في تقرير مصيرهم. وقال الحقوقي الصحراوي المعتقل السابق النعمة اسفاري الخارج لتوه من سجن مغربي خلال استضافة الوفد أمس بمركز الشعب للدراسات الاستراتيجية أننا "جئنا إلى الجزائر والى المخيمات لنعود إلى المدن المحتلة ولكننا ندرك مسبقا بأن مصيرنا لن يختلف عن مصير زملائنا الذين تم اعتقالهم في السابع أكتوبر الماضي مباشرة بعد زيارة مماثلة قاموا بها إلى الجزائر". وأضاف انه رغم المصير المجهول الذي ينتظرهم لدى عودتهم إلى المناطق المحتلة فإن زيارتهم إلى الجزائر والى مخيمات اللاجئين لمشاركة إخوانهم هناك احتفالات الذكرى ال34 لقيام الجمهورية العربية الصحراوية "جاءت لتؤكد مجددا وحدة الصف الصحراوي التي تبقى السلاح الأمثل لمواجهة الاحتلال ومواصلة الكفاح". ويعد هذا ثالث وفد لحقوقيين صحراويين من المدن المحتلة يزور الجزائر في ظرف خمسة أشهر رغم المضايقات والاعتقالات التي يتعرض لها كل صحراوي يتجرأ ليس فقط على زيارة الجزائر أو مخيمات اللاجئين بل حتى على ذكر اسمها أو اسم جبهة البوليزاريو ويطلب سلميا بحق شعبه في تقرير المصير. ويتكون الوفد من11 عضوا من بينهم سيدتان، ويتعلق الأمر بالنعمة اسفاري ومباركة علي با علي وساعي احمد وبراي والتهليل واحمد حمى والشيخ بانغة وامجيد احمد وابراهيم سماعيل وازانة اميدان. وعرض أعضاء الوفد الذي شكل تعاقبا حقيقيا لأجيال المقاومة والكفاح الصحراوي شهادات حية فضحت الممارسات المشينة والاعتداءات الخطيرة التي يقترفها النظام المغربي ضد المواطنين الصحراويين، وهي شهادات تبقى قطرة في بحر من معاناة ومآسي يتخبط فيها يوميا أبناء هذا الشعب تحت نير الاحتلال المغربي. واستحضر أعضاء هذا الوفد تلك الصور المرعبة والظروف المزرية التي عاشوها في سجون سرية وثكنات عسكرية من طرق تعذيب متنوعة على طريقة "الدجاجة المشوية" حيث تربط أرجل وأيدي الضحية ويبقى معلقا طيلة الليل أو على طريقة "الشيفون" الذي يوضع على الأنف وداخل الفم لخنق الضحية. وهي طرق تعذيب لا يعرفها إلا جلادوها ولا يعرفها إلا ضحاياهم من السجناء الصحراويين الذي اعتقلوا في سجن لكحل وسلا وغيرها من المعتقلات المغربية. ومن بين الشهادات المؤثرة تلك التي أدلت بها السيدة ازانة أميدان التي لم تتعد عقدها الثاني بعد أن عانت ويلات سجون الاحتلال على غرار المئات من بنات شعبها اللواتي آبين إلا أن يرفعن راية الكفاح عاليا وأصبحن نموذجا لنضال المرأة الصحراوية. فهذه الفتاة ورغم صغر سنها تعرضت للعديد من الاعتقالات في ظرف سنتين كان آخرها بسبب مشاركتها في استقبال الحقوقية الصحراوية اميناتو حيدر لدى عودتها إلى مدينة العيونالمحتلة من جزر الكناري باسبانيا. وهي تروي مأساتها خانتها دموعها لكن ذلك لم يمنعها بأن تتحلى بالشجاعة لتقول أنها اقتيدت إلى مركز الشرطة وتعرضت للاستجواب وبأي طريقة! فقد تم تمديدها أرضا وجلس احد الجلادين على ظهرها لإرغامها على الحديث وليت الأمر توقف عند ذلك فقد جردت من ملابسها وتم تصويرها عارية وهددت بأن تنشر صور جسدها النحيف عاريا على شبكة الانترنت واليوتيوب في حال ما تجرأت على فضح هذه الممارسات المشينة. لكن ازانة اميدان ومعها مباركة علي وهي ام لستة اطفال تحلتا بالشجاعة الكافية لفضح ممارسات نظام الاحتلال المغربي من اجل حق شعبهما المشروع في الحرية والاستقلال. وتبقى ازانة اميدان حالة من بين آلاف الحالات المشابهة التي تنتهك فيها أعراض النساء الصحراويات من قبل الجلادين والجنود المغربيين دون أي وازع اخلاقي. وإذا كانت ازانة اميدان مثلت جيل المقاومة الراهنة فإن الحقوقي إبراهيم الصبار الذي عايش جميع فترات الكفاح الصحراوي منذ سنة 1975 تاريخ احتلال الصحراء الغربية قدم بدوره شهادة حية عن مسيرته النضالية رفقة المئات من زملائه الذين تعرضوا للاختفاءات القسرية في ثكنات سرية ثم الاعتقال مع التعرض للتعذيب في سجون مختلفة التي تضم حاليا العشرات من سجناء الرأي الصحراويين المحرومين من أدنى الحقوق التي يكفلها لهم القانون الدولي. والمأساة نفسها تعرض لها إبراهيم إسماعيل الذي اختطف سنة 1987 عند مشاركته في المظاهرات العارمة التي شهدتها المدن المحتلة عند مجيئ بعثة الأممالمتحدة ثم تعرض للاعتقال وحكم عليه بالسجن في مناسبات عدة. للإشارة فإن هذا الوفد الحقوقي الذي حل بالجزائر منذ الاثنين الأخير ينتقل اليوم إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف لمشاركة أهلها احتفالات الذكرى ال34 لقيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي انطلقت هذا الأسبوع بالمخيمات والمناطق المحررة.