أكد السيد محمد كمال رزاق بارا مستشار لدى رئاسة الجمهورية، أول أمس بالجزائر العاصمة، أنه لا يمكن "لاتفاقيات إيفيان أن تمسح الجرائم المرتكبة إبان الحرب" من طرف الجيش الفرنسي ضد الشعب الجزائري لأنها "جرائم ضد البشرية"، وبالتالي فهي غير قابلة للتقادم. وقد ألقى السيد رزاق بارا الرئيس السابق للمرصد الوطني لحقوق الإنسان كلمته خلال حفل تكريم السيدة نيكول دريفوس عضو بتنسيقية الدفاع عن مناضلي جبهة التحرير الوطني إبان حرب التحرير المنظم من قبل قسم التاريخ بجامعة بوزريعة بالعاصمة. وقد أبرز السيد بارا وفاء ومثابرة مناضلة مناهضة للاستعمار والتي كان على "كفاحها ضد الاستعمار أن يتواصل إلى ما بعد الاستقلال للتمكن من تسجيل وتدوين الجرائم المقترفة في حق الشعوب الموجودة تحت نير الاحتلال في سياق الجرائم ضد البشرية". وعلى هامش اللقاء وحول استفسار حول غياب محاكمات ضد الجرائم الاستعمارية ومتابعة مرتكبيها أمام الهيئات القضائية الوطنية والدولية، أوضح السيد بارا أن هذه الوضعية ترجع إلى "عدم اعتبار الاستعمار كجريمة ضد البشرية" في القانون الدولي. واعتبر رجل القانون أنه على القانون الدولي أن يحرز بعض التقدم لاعتبار الاستعمار كعملية تهديم وتدمير تم القيام بها ضد شعب برمته لكي يتم تصنيفه قانونيا كجريمة ضد البشرية في نفس السياق مع العبودية والتمييز العنصري أو حتى الإبادة. كما أكد السيد بارا أنه لا يمكن إحراز هذا التقدم إلا إذا بذلت الدول بعض الجهود للتوجه نحو "إجماع عالمي" يستخدم كقاعدة لتصريح الأممالمتحدة يعتبر الاستعمار جريمة في حق البشرية. كانت السيدة دريفوس -التي توفيت يوم ال11 فيفري الماضي عن عمر يناهز 85 سنة- تنتمي إلى هذه الحركة المتكونة من محامين وقضاة ومثقفين فرنسيين آخرين الذين يحاولون إجبار الدولة الفرنسية الاعتراف بالجرائم التي ارتكبت في الجزائر خلال مرحلة الاستعمار. وعلى هذا الاساس تم اختيار السيدة دريفوس -رفقة السيدة موريس مانفيل شخصية بارزة أخرى من تنسيقية الدفاع عن مناضلي جبهة التحرير الوطني- من طرف مؤسسة 8 ماي 1945 لمباشرة دعوى ضد موريس بابون (وزير فرنسي سابق ورئيس مقاطعة سابق) لمسؤولياته في المجازر التي ارتكبت في حق المتظاهرين الجزائريين بتاريخ 17 أكتوبر 1961 بباريس. وتم رفض الشكوى من طرف غرفة الاتهام التي استندت إلى اتفاقيات إيفيان. وفي سنة 2000 قامت السيدة دريفوس إلى جانب شخصيات فرنسية أخرى لاسيما السيد لوران شوارتز أستاذ في علم الإجتماع بالتوقيع على وثيقة تم من خلالها مطالبة الرئيس جاك شيراك ووزيره الأول ليونيل جوسبان بإدانة التعذيب خلال حرب الجزائر. ومن بين مناضلي جبهة التحرير الوطني التي تم الدفاع عنهم من طرف السيدة دريفوس أمام المحاكم المختصة تمكنت أربعة نساء من النجاة من الحكم بالإعدام ويتعلق الأمر بباية حسين وجاكلين غروج ومليكة قريشي وجوهر أكرور . (وأج)