يرى المشاركون في الندوة الدولية حول ازدواجية المعايير في تطبيق إعلان حقوق الإنسان أمس بكلية الحقوق، والمتعلق أساسا بحالة منع بناء المآذن في سويسرا أنه من الضروري الإسراع في مطالبة الحكومة السويسرية بإلغاء نتائج الاستفتاء التي أسفرت عنه مصادقة أغلبية السويسريين على حظر تشييد المآذن عبر ترابهم، وهو ما يعكس التناقض في القانون السويسري بحكم وجود مواد دستورية تقر بحرية المعتقد والتفكير وممارستها سرا وعلانية. وأكدت رئيسة الاتحاد الوطني للاطارت من أجل الجزائر، السيدة نعيمة صالحي، في الندوة التي نظمها الاتحاد الوطني للاطارت من أجل الجزائر في كلمة الافتتاحية أن اختيار الموضوع كان بالتعاون مع الملتقى العام للمنظمات الأهلية العربية والإفريقية حتى يكون له بعد دولي، لاسيما امام خطورة التصرفات التي طالت المساجد والجاليات المسلمة في ظل السماح ببناء أبراج الكنائس والمعابد ووضع نجمة داود والصليب وغيرها من الشعارات الدينية، وتساءلت المتحدثة في هذا الصدد عن سبب استهداف الشعارات الاسلامية والمسلمين دون الديانات والاقليات الاخرى. وقالت السيدة صالحي إن مشكلة المآذن تعد آخر الانتهاكات الصارخة التي تعرض لها الدين الإسلامي في قارة تتدعى أنها تكرس الديمقراطية والحريات وعلى وجه الخصوص في دولة سويسرا المعروفة بالحياد، متخلية بذلك عن مبادئها التي لازمتها منذ عقود، داعية في السياق المنظمات الإسلامية القائمة لتصعيد الأمر باللجوء إلى القضاء باعتبار أن تبني شعارات ترمز إلى المآذن على أنها صواريخ أمر مهين ومجانبة للواقع وسخرية من المسلمين، في حين أن الأوروبيين وحلفاءهم هم من يملكون الصواريخ العابرة للقارات والرؤوس النووية الفتاكة وكل أنواع أسلحة الدمار الشامل وهم الذين يمنعون غيرهم من امتلاك القوة، كما طالبت حكومات الشعوب المسلمة أن توكل اتخاذ قرارات في مثل هذه الشؤون إلى شعوبها بصفتهم أصحاب القرار الأول والأخير في إرساء قوانين واتفاقيات هامة تمس حياتهم، ليبقى إعلان حقوق الإنسان خاضعا لمبدإ ازدواجية المعايير في كل الشؤون، مضيفة انه على الدول المصادقة على هذا الإعلان رفض مثل هذه التصرفات اللامسؤولة واللاإنسانية. وقال ممثل عن الملتقى العام للمنظمات الأهلية العربية والإفريقية السيد محمد سيداتي من موريتانيا أن حادثة منع بناء المآذن في المساجد بسويسرا هو خرق سافر لحق أساسي من حقوق الدين الإسلامي وعلينا استعمال السبل الحضارية المتوفرة لمجابهة هذا الاستهداف، مشيرا إلى أن المادة الثامنة من قانون حقوق الإنسان تضمن حق التدين وممارسة الشعائر الدينية، كما ان الدستور السويسري يلزم ايضا تطبيق هذه المادة مع باقي مواد ميثاق حقوق الإنسان، مشددا على ضرورة التفكير في السبل الكفيلة باسترجاع هذه الحقوق والرد على هذه الحملة على الدين الإسلامي حتى تحترم كل الديانات في العالم، وفي سياق ذي صلة، كشف الدكتور مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان أنه ليس هناك أي تبرير لهذا الاستفتاء من الناحية القانونية، وأشار إلى المادة 15 من الدستور السويسري التي تجيز حرية التفكير والعقيدة وكذلك المادة 62 منه التي تعطي الحق للأفراد والجماعات في ممارسة شعائرهم الدينية سواء سرا أو جهرا، وأضاف أن العمل الحالي يجب أن ينصب على الجمعيات الحقوقية في سويسرا لإلغاء الاستفتاء، وتحويله إلى موضوع طعن لدى المحكمة الفيدرالية لانتهاك قوانين دولية. من جهته، أكد السيد بشير مصيطفى منسق الملتقى العام للمنظمات الأهلية العربية والإفريقية في الساحة الجزائرية أن الجزائر عانت من انحياز القانون الدولي لفرنسا الاستعمارية ولازالت إلى اليوم تقاوم ازدواجية المعايير في مسائل التجارب النووية وتجريم الاستعمار والتعويضات وقضايا الجالية في أوروبا تماما مثلما تعاني شعوب أخرى ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي، مستخلصا أن العالم لا يتحرك إلا عندما تمس مصالح الغالبية المهيمنة.