لايختلف اثنان حول أهمية ممارسة الرياضة وتأثيرها الإيجابي على صحة الإنسان، سواء بالنسبة للرجل أو المرأة، فالتمارين الرياضية تصفي الذهن وتنشط الدورة الدموية، وتحمي من زيادة الوزن ومن عدة أمراض تهدد حياة الإنسان. وعلى غرار الرجل تحتاج المرأة لممارسة الرياضة حتى تحتفظ بصحتها ورشاقتها، ولأن الرياضة مقترنة بدرجة كبيرة بالصحة تطرقنا إلى موضوع ممارسة المرأة الجزائرية للرياضة من خلال طرح بعض الأسئلة منها: هل تدرك المرأة الجزائرية أنها تحتاج إلى ممارسة الرياضة للاحتفاظ بصحة جيدة؟ وهل تمارس الرياضة بانتظام؟ وكانت أجوبة السيدات متفاوتة، إلا أننا لمسنا وعيا لدى المرأة عموما بأهمية الرياضة حتى ولو لم تمارسها. بين غابة بوشاوي والبيت.. المهم ممارسة الرياضة تعتبر المساحات الخضراء والغابات ذات الهواء النقي المكان الأنسب لممارسة الرياضة، وهو ما تؤكد عليه حسيبة ذات 32 عاما التي تعمل كمضيفة طيران، فهي لا تفوت أية فرصة للذهاب إلى غابة بوشاوي لتستمتع بالهواء النقي بعد أيام العمل الشاقة، لممارسة رياضة الجري، حيث تلتقي هناك بصديقاتها ليمارسن معا رياضتهن المفضلة، تقول ''بحكم عملي لا أجد الوقت الكافي لممارسة الرياضة، لذلك لا أفوت أية فرصة تتاح أمامي، لاسيما أيام الإجازة للذهاب إلى غابة بوشاوي في الصباح الباكر وممارسة الجري لمدة 30 دقيقة، فالرياضة شيء مهم جدا خاصة بالنسبة للمرأة حتى تحافظ على صحتها ورشاقتها ولتصفية الذهن بعد المتاعب اليومية، وأعتبر غابة بوشاوي الفضاء الأمثل لذلك''. على عكس حسيبة التي تفضل ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، نجد أن رحيمة وهي شابة تبلغ من العمر 20 سنة تحبذ ممارسة الرياضة في البيت فهي لا تستطيع الاستغناء عن ممارسة الرياضة لتيقنها أن في ذلك صحة لها واستمتاعا في نفس الوقت وتؤكد قائلة ''أستمتع كثيرا بممارسة التمارين الرياضية على سطح المنزل أو في غرفتي، لا يهم المكان لأني أدرك تماما أننا نحتاج لممارسة الرياضة حتى نحافظ على صحة أجسامنا ونطرد الأمراض، وكوني شابة أحافظ باستمرار على وزني فشكل المرأة مهم للغاية''. أما أميرة البالغة من العمر 26 سنة، فتمارس الجمباز منذ الصغر وتقول ''أنا حظي وافر إذ شجعني والدي منذ الصغر وحفّزني ولم يحرمني من ممارسة رياضتي المفضلة التي أجد فيها راحة بالي واستمتاعي، فتنسيني الهموم ومتاعب اليوم''. وإن كانت هؤلاء يرغبن ويستمتعن بممارسة الرياضة سواء للمحافظة على صحتهن أو رشاقتهن، هناك بعض النساء وجدن أنفسهن تحت نظام مكثف من التمارين الرياضية بسبب أمراض وأوجاع يشتكين منها. فأم رحيمة البالغة من العمر 42 سنة تمارس السباحة بسبب أوجاع الظهر التي تشكو منها وتقول ''أشكو منذ سنتين من أوجاع على مستوى الظهر، فنصحني الطبيب بممارسة السباحة ومنذ ذلك الحين وأنا أفعل ذلك بانتظام وبعون الله أنا في تحسن مستمر''. حبيبة.. وحكاية عشق مع الكرة أما حبيبة ذات 23 عاما من العاصمة فهي لا تبحث عن الرشاقة بل عن الاستمتاع بهوايتها ومعشوقتها التي سحرت الكثيرين، إنها الكرة المستديرة التي تحب ممارستها وتتابع باهتمام كل ما يجري في عالمها. تلقت العون من سندها الوحيد في الحياة، أخوها أبو بكر الذي تدعوه - بوب - حيث شجعها ولم يقف في وجه تحقيق حلمها بأن تلعب كرة القدم التي كانت في وقت من الأوقات حكرا على الرجال، إذ تلعب حبيبة رفقة زميلاتها في فريق لكرة القدم النسوية، وتحظى بإعجاب كبير من طرف الجمهور الذي يتابعها وهي تداعب الكرة سواء داخل الوطن أو خارجه من خلال المباريات التي يجريها فريقها وتقول ''أعشق كرة القدم منذ صغري فأصبحت أهم شيء في حياتي، وماجر اللاعب المفضل لدي وملهمي''.
أشغال البيت.. رياضة أغلب النساء من جهة أخرى نجد شابات ونساء جزائريات لا يمارسن الرياضة بتاتا لأسباب مختلفة، منهن منيرة وهي شابة جامعية في 24 من العمر لمسنا لديها رغبة شديدة في ممارسة السباحة التي تستهويها منذ الصغر، لكن لم يسعفها الحظ بأن تحقق رغبتها، وقد أعربت عن حسرتها قائلة: ''والله لقد رغبت كثيرا في ممارسة الرياضة وخاصة السباحة التي تستهويني منذ الصغر، ولكنني لا أجد الوقت الكافي لذلك، فالدراسة أخذت كل وقتي، وحتى إذا رغبت وصممت على ذلك لا أجد قاعة قريبة من السكن، إضافة للأسعار المرتفعة التي تفرضها القاعات الرياضية''. كما ترجع منيرة سبب عدم ممارستها للرياضة للوالدين اللذين لم يشجعاها على ممارسة الرياضة منذ الصغر. أما أمينة ذات 21 عاما فأرجعت سبب عدم ممارستها للرياضة لضيق الوقت، فهي منهمكة في الدراسة وبالدروس الخصوصية وتستطرد قائلة: ''ليس لدي الوقت لأفكر في ممارسة الرياضة فيومي أقضيه في الدراسة أو في الدروس الخصوصية، أما أوقات الفراغ فأفضل أن أقضيها في الراحة''. ولاتختلف حالة أمينة عن كثير من النساء اللواتي يواجهن مثل هذه الصعوبات، إذ منعتهن المشاكل اليومية والأعمال المنزلية والتربية عن ممارسة الرياضة، ومثال ذلك السيدة جميلة وهي ربة منزل وأم لستة أطفال تقول: ''لا توجد امرأة لا ترغب في ممارسة الرياضة، كلنا نعلم أهمية الرياضة بالنسبة لصحة الإنسان، لكن المشاغل اليومية حرمتنا من ذلك، وأنا أرى أن الأعمال المنزلية التي أقوم بها بمثابة رياضة منزلية''. من خلال الآراء التي جمعناها يظهر أن المرأة الجزائرية لها الرغبة في ممارسة الرياضة، ولها إدراك بأهمية هاته الأخيرة على صحتها، لكنها تجد معوقات أغلبها تتمثل في عدم وجود الوقت الكافي بسبب انشغالها بالبيت أو مع الأطفال والعقلية السائدة في المجتمع الذي لا يشجع المرأة على ممارسة الرياضة خارج البيت منذ الصغر، رغم أن كل الدراسات تؤكد على أهمية الرياضة بالنسبة لصحة المرأة، ومنها دراسة أجريت مؤخرا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، أثبتت أن المرأة تحتاج لساعة من التمارين الرياضية يوميا للاحتفاظ بصحة جيدة، إذ شملت هذه الدراسة 34079 امرأة في منتصف العمر، وتمت مراقبة حالتهن الصحية والبدنية لمدة 10 سنوات، فتبين أن النساء اللواتي واضبن على ممارسة التمارين الرياضية لمدة لا تقل عن ساعة يوميا حافظن على أوزانهن وصحتهن، وذلك بعد وضع أمور في الاعتبار، مثل مؤشر الجسم والعمر. ولهذا ننصح كل امرأة جزائرية بضرورة ممارسة الرياضة للمحافظة على صحتها ورشاقتها وأن تشجع أطفالها على ممارسة الرياضة فالعقل السليم في الجسم السليم.