اختتمت عشية أمس فعاليات الندوة الدولية للغاز المميع في دورتها ال16 بمركز الاتفاقيات بوهران بتأكيد العديد من الخبراء والمهتمين بالصناعة الغازية في العالم وعبر كبريات الشركات العالمية تفاؤلها بالتوجهات الإيجابية للسوق أحسن مما هو عليه بعد مرور الأزمة الحالية المتسمة بانخفاض أسعار الغاز في الأسواق العالمية جراء اعتماد الولاياتالمتحدةالأمريكية على تكنولوجيات عالية في مجال البحث والتنقيب الأمر الذي جعلها تسعى إلى تأكيد استقلاليتها في المجال الطاقوي. ورغم هذا الواقع الصعب للدول المنتجة وخاصة منها النامية إلا أنّ الخبراء المهتمين بهذا القطاع أكدوا أن آفاق الإنتاج والاستغلال في مجالات البحث والتنقيب والنقل واعدة جدا وذلك من خلال الاستمرار في بعث الاستثمار وتوجيه جهود التنمية الغازية في البلدان المنتجة والمصدرة في الوقت نفسه. تأتي هذه التأكيدات من المداخلة المهمة التي ألقاها السيد غي اوتن نائب رئيس مجمع ''شال'' التي أكد فيها أن الدراسات الاستراتيجية الحالية تؤكد بأن الاهتمام بمجال الصناعات والإنتاجات الغازية المستقبلية ستعرف ارتفاعا يقدر ب25¥ مع آفاق 2020 وهو ما يعادل 4 تريليون متر مكعب، كما أن هذه الطاقات ستعرف استغلالا هاما مع تطور الصناعة الغازية خلال العشرية المقبلة، كما أن الطلب على الغاز الطبيعي بمختلف صيغه (الميتان والبروبان والبوتان) ومختلف المنابع الغازية الأخرى في شمال القارة الأمريكية سترتفع بشكل غير متوقع من طرف العديد من الخبراء والمهتمين بالبحث في الصناعات الغازية، وفي هذا الإطار أعطى نائب رئيس مجمع ''شال'' المثال بالصين التي تعرف نموا مرتفعا جدا وتؤكده كذلك السياسات الحكومية الجديدة التي تبحث بشكل دائم في تنويع مصادر الطاقة وعليه فإن مشاريع نقل الغاز في آسيا وروسيا وأمريكا هي في حقيقة الأمر عشرات من الملايير من الأمتار المكعبة من الغاز الواجب الاستثمار فيه الملايير الكثيرة من الدولارات. بقية المتدخلين والمناقشين على مستوى الورشات أكدوا كذلك في مداخلاتهم المتعددة أنه سيتم بناء على البحوث التي يقومون بها استحداث العديد من الأسواق الجديدة وهو ما يفتح المجال واسعا أمام الدول المنتجة لعدم القلق والتقليل من مخاوفها وعن سبب هذه الزيادات فإن الخبراء يؤكدون أن الانخفاض المسجل حاليا في الأسواق يعادل 4,3¥ من الطلب ولكن مع الخمس سنوات المقبلة على أبعد تقدير ستعرف مختلف الاسواق الحالية وكذا تلك التي سيتم استحداثها توازنا كبيرا بفعل تحقيق التنمية، خاصة وأن جل الخبراء والمتخصصين وكذا المهتمين بالصناعة الغازية يؤكدون على أن الطلب سيرتفع مع حدود سنة 2030 بمالا يقل عن 40¥ وسيتضاعف هذا الرقم مع حلول سنة .2050 وفي نفس هذا الموضوع سبق للسيد شكيب خليل أن قال بأن المجهودات المبذولة حاليا في مجال الطاقات المتجددة لا يمكنها في أقصى الحالات أن توفر أكثر من 10¥ من الطلب العالمي على الطاقة وذلك بسبب التراجع المالي للعديد من الدول المتطورة في هذا المجال. ولعل أحد أهم الرهانات التي يجب على منتجي الغاز الطبيعي المميع مواجهتها في السنوات المقبلة هو ضرورة بقاء الدول المنتجة للغاز الطبيعي المميع في استراتيجتها ووجهتها التي حددتها لنفسها في إطار العقود طويلة المدى كما يؤكد ذلك السيد عمر معليو المختص في مجال الطاقة على مستوى مؤسسة سوناطراك. وفي هذا الإطار فإن الجزائر -كما أكد ذلك السيد عبد الحفيظ فغولي المدير العام بالنيابة لمؤسسة سوناطراك- مازالت مؤمنة بالتوجه الحالي للسوق الغازي العالمي وفق استراتيجية مبنية عى العمل طويل المدى وهي تعمل بمعية كل شركائها قصد تنمية وتطوير سوق الغاز الطبيعي المميع خاصة وأن الصناعة الغازية الجزائرية تتميز بخصوصيات نادرة عبر العالم الشيء الذي جعل الوزراء المجتمعين بوهران في المنتدى العاشر يعملون على وضع شعار خاص بالمنتدى ويسعون من خلاله الى تأسيس القواعد ووضع الأسس الاستراتيجية لعمل موحد يمكن المنتجين والمصدرين والمستهلكين من تحقيق التوازن في العرض والاسعار العادلة التي تخدم الجميع في مجالات النمو الاقتصادي. أما فيما يخص الجزائر فقد ذهب السيد شكيب خليل في كلامه خلال إحدى لقاءاته الصحفية التي عقدها أن وضع الجزائر وموقعها إضافة الى العديد من العوامل الأخرى يحتم عليها تنويع الزبائن وتدعيم الموقع في الاسواق العالمية الحالية والجديدة كما ذهب الى حد المطالبة بضرورة مراجعة الكيفيات التسويقية التقليدية والعمل وفق أطر جديد في البحث على الأسواق الجديدة، ومن ثم فإن عقود التموين المستقبلية ستكون أكثر مرونة مما يمكن ضمان الرقابة على مختلف قنوات الانتاج الغازي الشيء الذي يمكن من التقليل من تكاليف انجاز الهياكل لأنه بالنظر الى المحيط المتقلب يجب تنويع قدرات الانتاج والتصدير كذلك لأن التوجه الى عقود تموين جديدة -حسب شكيب خليل- لا يعني أبدا التقليل من أهمية المرونة في التعامل مع الزبائن بل أن ذلك يعطي الإمكانيات لمؤسسة سوناطراك من تثمين قدراتها في المجالين الطاقوي والبشري في اطار البحث على أسواق جديدة والسيطرة عليها.