أعطى وزير الداخلية البريطاني ألان جونسون أخيرا أمس الضوء الأخضر لتسليم عبد المومن رفيق خليفة المحكوم عليه من طرف محكمة جنايات البليدة بالسجن المؤبد في قضية تكوين جماعة أشرار والإفلاس وتزوير المحررات الرسمية، إلى الجزائر. وأعلنت المتحدثة باسم الداخلية البريطانية أن الوزير ألان جونسون أعطى أمرا أمس بتسليم رفيق خليفة، وأن رسالة تتضمن تبريرات هذا القرار وجهتها وزارة الداخلية إلى هيئة الدفاع عن المتهم، رافضة تقديم أي تعليق إضافي عن القرار، فيما صرحت محامية المتهم ''أنيتا فاسيشت'' بأن موكلها سيقدم طعنا في القرار في الآجال القانونية المحددة ب14 يوما معتبرة بأن ''وزير الداخلية البريطاني يكون قد قبل الضمانات الدبلوماسية التي قدمتها الجزائر حول سلامة موكلها في بلاده''. وكان القضاء البريطاني قد وافق على تسليم خليفة رفيق عبد المؤمن للسلطات القضائية الجزائرية وذلك خلال الجلسة التي عقدت في 25 جوان 2009 بمحكمة وستمنستر بلندن، حيث اعتبر القاضي تيموتي ووركمان عقب هذا القرار أن تسليم خليفة لا يتناقض مع المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان، وأكدت وزارة العدل البريطانية في بيان لها أن قرار التسليم تم اتخاذه عقب سلسلة من الإجراءات التي تم على إثرها التصريح بقبول الطلب الجزائري من حيث الشكل ليشرع في دراسة موضوع الطلب وفحص أدلة الإثبات والتأكد من مدى توفر الشروط التي تضمن محاكمة عادلة للمعني أمام المحاكم الجزائرية وذلك خلال عدة جلسات استمعت فيها المحكمة للشهود والخبراء ولمرافعات المحامين. غير أن تنفيذ قرار العدالة بقي مرهونا بمصادقة وزير الداخلية البريطاني. وكان يفترض أن يعلن الوزير ألان جونسون عن قراره القابل أو الرافض لترحيل خليفة، قبل يوم 24 أكتوبر ,2009 غير أنه حصل على 4 تأجيلات للقرار كان آخرها نهاية شهر مارس الماضي، حيث طالبت وزارة الداخلية البريطانية مهلة إضافية إلى غاية 30 أفريل الجاري للفصل في قرار تسليم عبد المؤمن خليفة البالغ 43 عاما والمحكوم عليه من طرف محكمة جنايات البليدة بالسجن المؤبد في قضية تكوين جماعة أشرار والإفلاس وتزوير المحررات الرسمية. ويعد طلب التأجيل المقدم في نهاية مارس الماضي آخر طلب مسموح به لوزير الداخلية البريطاني، لكن دفاع المتهم بإمكانه أن يطعن في القرار لدى هيئة قضائية بريطانية أعلى، دون أن يكون لهذا الإجراء القانوني أي تأثير على الحكم الصادر عن القاضي تيموتي ووركمان والقاضي بتسليم رجل الأعمال السابق الهارب، إلى السلطات الجزائرية من منطلق متانة الملف المقدم من طرف الحكومة الجزائرية. وسبق لوزير العدل السيد الطيب بلعيز أن أكد شهر جوان الماضي تعليقا على حكم القاضي تيموتي ووركمان أن ذلك يعد ''شهادة تقدير وبامتياز من القضاء البريطاني لنظيره الجزائري بأنه قادر على توفير جميع الضمانات لإجراء محاكمة عادلة للمتهم، مشيرا إلى أن قرار المحكمة البريطانية يعد ''انتصارا للعدالة الجزائرية'' كون العديد من الدول الأوروبية قدمت طلبات تسليم مجرمين، إلا أن تلك الطلبات قوبلت بالرفض. وللتذكير فإن عبد المؤمن خليفة حكم عليه من طرف محكمة الجنايات بالبليدة في 22 مارس 2007 بعقوبة السجن المؤبد بعد إدانته غيابيا لارتكابه عدة جرائم ذات صلة بتسيير بنك ''الخليفة''، وذلك من بين المتهمين ال104 الذين حوكموا في ما أصبح يعرف ''فضيحة القرن''، وكان المتهم قد لاذ بالفرار إلى المملكة المتحدة سنة ,2003 فيما تم إلقاء القبض على مساعديه بمطار الجزائر متلبسين بتهريب 2 مليون أورو إلى الخارج. وتم توقيف رفيق خليفة بتاريخ 27 مارس 2007 على التراب البريطاني بتهمة الإقامة غير الشرعية وكذا تنفيذا لمذكرة توقيف أوروبية صادرة عن المحكمة الفرنسية الابتدائية بنانتير بالضاحية الباريسية، والتي فتحت تحقيقا قضائيا حول المعني في نهاية 2003 بتهمة خيانة الثقة والإفلاس باختلاس الموجودات والإفلاس بإخفاء الحسابات وتبييض الأموال. وكان القضاء البريطاني قد أصدر حينها حكما بتسليم المتهم الفار إلى فرنسا في نهاية أوت 2007 على أن تتم عملية تسليمه إلى السلطات الفرنسية في 25 سبتمبر ,2007 غير أن الطلب الذي قدمته باريس للندن تم تجميده لتمكين القضاء البريطاني من النظر في طلب التسليم الذي تلقته من العدالة الجزائرية. وجاء القرار النهائي في ملف عبد المؤمن خليفة من قبل القضاء البريطاني والقاضي بالموافقة على تسليمه للجزائر بعد سماعها لشهادة موظف سام بوزارة الخارجية البريطانية، أكد للقاضي ثقة الحكومة البريطانية الكاملة في النظام القضائي الجزائري وفي الضمانات التي قدمتها السلطات الجزائرية بعدم تعرض المتهم في القضية للتعذيب أو سوء المعاملة في حال تسليمه للجزائر، فضلا عن ضمان محاكمة عادلة في حقه، وذكر المتحدث في هذا الصدد بأن وزارة الداخلية البريطانية سلمت الجزائر خلال السنوات القليلة الماضية 10 متهمين جزائريين ولم يثبت أبدا أن أحدا منهم تعرض للتعذيب أو سوء المعاملة.