أبلغ الوفد الجزائري المشارك في النقاشات التي جرت على مستوى اللجنة الأممية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بجنيف السويسرية قبيل يومين الهيئة، امتعاض الجزائر من طبيعة شراكتها مع عدة هيئات دولية وإقليمية لعدم مساهمة هذه الأخيرة في محاربة ظاهرة البطالة وإنشاء مناصب شغل جديدة عكس ما تعهدت به، ومن جهة أخرى رفع الوفد بصفة رسمية طعنا لدى اللجنة بخصوص إنزال مرتبة اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها على مستوى مجلس حقوق الإنسان الأممي. وتنقل وفد جزائري يضم ممثلين عن 14 وزارة وعضو في اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها والسفير الجزائري لدى مكتب الأممالمتحدةبجنيف السيد إدريس الجزائري الى جنيف للدفاع عن مواقف الجزائر بخصوص عدة أسئلة طرحت عليها على مستوى لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تخص عدة جوانب، منها توفير الشغل والمسكن إضافة الى مسائل أخرى تخص التعددية النقابية، المسألة الأمازيغية ومكافحة الفساد وقطاعي التربية والتعليم. وفي موضوع توفير مناصب الشغل ومحاربة البطالة ابلغ الوفد الجزائري أعضاء اللجنة امتعاضهم من كون التعاون الجزائري الدولي في مجال سياسات التشغيل واحتواء تفاقم الظاهرة لم يأت بأية نتيجة، وهو ما دفع بالسلطات المحلية الى اعتماد حلول وطنية سمحت بتحقيق نتائج ايجابية من خلال تراجع البطالة الى 10 بالمئة بعدما كانت تتجاوز 30 بالمئة قبل 11 عاما. وأبدى الوفد أسفا شديدا لكون اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لم تسر في الاتجاه الذي يدعم الشركات الجزائرية بل بالعكس حولت البلاد الى سوق للسلع الأوروبية وأصبحت الجزائر تستورد ما قيمته 40 مليار دولار، 9 ملايير منها موجهة لاستيراد المواد الغذائية والتجهيزات، وخلص الى التأكيد على ان هذا الاتفاق ساهم في خلق مناصب شغل في أوروبا وليس الجزائر. وانتقد الوفد كذلك العراقيل التي تحول دون تسريع مسعى انضمام الجزائر الى المنظمة العالمية للتجارة، والسبب في ذلك اعتماد ''منطق مجحف'' يرتكز ''للأسف على مبدإ من يصل متأخرا عليه ان يدفع الثمن باهظا''. ومن جهة أخرى شهدت الجلستان اللتان خصصتا لتقديم ردود الحكومة الجزائرية نقاشا ثريا، واجه فيه الوفد الجزائري سيلا من الأسئلة التي حاول أصحابها التشكيك في البرامج الوطنية التي شرع في تنفيذها منذ سنوات. وجدد الوفد الجزائر التأكيد على أن فرض حالة الطوارئ أملته ضرورات أمنية وان استمرار العمل بها بعد 18 سنة فرضه استمرار نشاط الإرهاب في بعض المناطق، وان الإبقاء عليها لم يحد من النشاط السياسي أو الحريات الفردية والجماعية بدليل تمتع الأحزاب بحرية النشاط. وحول مسألة الهوية الأمازيغية، رفض الوفد الجزائري تسمية البربر وأشار الى أنها تعود الى العهد الروماني التي تشير الى الهمجية، في حين ان التسمية الحقيقية المتعارف عليها في الجزائر هي الأمازيغ، وأكد ان السلطات العمومية أولت اهتماما كبيرا لترقية الثقافة الأمازيغية، وأقدمت سنة 2002 على ترسيم الأمازيغية كلغة وطنية. أما بالنسبة لحالات الفساد التي يتم الكشف عنها فأوضح الوفد ان الدولة اتخذت عدة تدابير لمكافحة الظاهرة وعززت من ترسانتها القانونية ومن آليات المحاربة. وعلى صعيد آخر، طعنت الجزائر بصفة رسمية في قرار اللجنة الأممية لحقوق الإنسان القاضية بتقليص تمثيل اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها الى الفئة الثانية بعدما كانت ضمن الفئة الأولى في تصنيف المنظمات الحقوقية الحكومية الدولية. وأودع الوفد الجزائري الذي شارك في أشغال لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بصفة رسمية طعنا لدى اللجنة الأممية لإعادة النظر في قرار إنزال تمثيل اللجنة الوطنية التي يترأسها المحامي فاروق قسنطيني من الفئة الأولى الى الثانية، خاصة وان الجزائر استوفت جميع الشروط المطلوبة منها وهي أن يحكم اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها قانون خاص بدل مرسوم رئاسي، وذلك تنفيذا لمبادئ باريس المصادق عليها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة ,1993 وهو ما تم بالفعل حيث صادق البرلمان الجزائري في نهاية سبتمبر من العام الماضي على القانون الخاص بها. وتنص مبادئ باريس على أن يكون إنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بموجب نص دستوري أو قانوني، وليس من خلال قرار صادر من السلطة التنفيذية والتفاعل مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان ولاسيما مجلس حقوق الإنسان ومختلف آلياته ومع الهيئات المنشأة بموجب معاهدات والالتزام بالإعلان عن قرارات وتوصيات المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عبر وسائل الإعلام من ناحية وتطوير العلاقات مع المنظمات غير الحكومية من ناحية أخرى. وأشار الوفد الجزائري إلى انه تم إرفاق الطعن بملف قانوني في إشارة إلى القانون الجديد المنظم لعمل الهيئة الذي تم التصديق عليه في الدورة الخريفية للبرلمان المنظمة لعمل اللجنة بما يعطيها مجالا واسعا في العمل. وذكر الوفد بمنجزات الهيئة ومنها التقارير التي لم تكن محل رضا بعض القطاعات الوزارية، وبخاصة تلك التي جاءت تتويجا لزيارات ميدانية قام بها أعضاء اللجنة الى المستشفيات والمدارس ومؤسسات إعادة التربية. ولاحظت اللجنة في ذلك التقرير التطور الكبير في مجال توفير الإمكانيات رغم وجود بعض النقائص الممكن تداركها، إلا أنها أعابت على المؤسسات الاستشفائية مثلا عدم مسايرة الموارد البشرية للتحول الذي عرفته هذه المؤسسات من ناحية الإمكانيات. ويهدف قرار الطعن الذي رفعه الوفد الجزائري إلى استعادة مكانة اللجنة في الهيئة الأممية بما يسمح لها المشاركة في أشغال مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة والنشاطات الأخرى لمختلف الهيئات الأممية العاملة في هذا المجال. وتُلزم اللجنة وفق القانون الجديد بإعداد تقرير سنوي عن وضعية حقوق الإنسان في الجزائر وترفعه إلى رئيس الجمهورية على أن ينشر هذا التقرير بعد شهرين من إيداعه بعد تصفيته من كل القضايا التي كانت محل تسوية. ويمنع القانون الجديد على الهيئات الحكومية ورئاسة الجمهورية وهم 14عضوا، التصويت، لاقتصار مهمتهم على صفة استشارية لا غير.