تحوّلت الكثير من النساء الجزائريات إن لم نقل أغلبهن إلى متابعات وفيات لمباريات كرة القدم، خاصة إذا تعلق الأمر بمباريات فريقنا الوطني. فبعدما كانت النساء عدوات لدودات للكرة المستديرة، بل ويلمن أزواجهن وأبناءهن على احتكار التلفزيون أوقات اللقاءات الهامة والمواعيد الدولية والقارية، ليصل الأمر أحيانا إلى خلافات لا تحمد عقباها، يبدو أن الأمور هدأت وانتهت النزاعات، وحل الوئام والمصالحة النسوية مع معبودة الرجال. لقد أصبحت المرأة الجزائرية شريكة للرجل في الملاعب الوطنية والأوروبية والدولية، تزاحمه في ''عقر داره'' وهو ما سيتم فعلا خلال المونديال، ولمعرفة أسباب وتداعيات هذا ''الانقلاب'' الذي حدث للنساء، اقتربت ''المساء'' من رجال ونساء لتسألهم، فكانت هذه الآراء. يقول عبد اللّه: ''لطالما دخلت مع زوجتي في جدال وصراع حول أحقيتي في مشاهدة مباريات كرة القدم على شاشة التلفاز الوحيدة بالبيت، لكن هذا السيناريو انقلب رأسا على عقب لأن سيّدة البيت أصبحت منافسي الأول في كل البرامج الرياضية والمقابلات الكروية، بل أصبحت محللا رياضيا، لذلك أشكر الظروف التي غيّرت واقع حياتي لأنني الآن مرتاح وأتمنى لو يبقى الوضع على حاله وأن لا يكون مؤقتا ومرتبطا بالنجاح الأخير الذي حققه الفريق الوطني. نفس التغيير لاحظه أحد باعة الورود الذي التقيناه بالعاصمة والذي أشار قائلا ''عائلتي بأكملها وعلى رأسها زوجتي التي كانت فيما سبق تمقت كل أنواع الرياضة أصبحت تخرج من العمل مبكرا أيام إجراء المباريات المهمة سواء المحلية أو الأوروبية لكي تتابع أطوارها، لقد أصبحت منسجمة مع مباريات كرة القدم وهو ما جعلني أتعجب من هذا التغيّر الذي أعجبني بالفعل، لكنه بالمقابل سبب لي مشكلا حقيقيا، لأن وجبة العشاء أصبحت تتأخر كثيرا، وأنا اليوم عشية المونديال أتساءل ماذا سنأكل طيلة هذا الشهر؟؟؟ وهل سنضطر للتعاقد مع مطعم أو بيتزيريا؟؟؟ . وحتى عمي حسين، له ما يقول في هذا الشأن، لأن زوجته تحوّلت إلى مناصرة وأصبح لا حديث لها إلاّ عن الرياضة وما يدور من مستجدات حول ما قيل في القنوات المصرية والعربية وما يكتب في الجرائد الجزائرية وكذا أخبار الفريق الوطني. ويضيف عمي حسين: ''كنت أنعم بمشاهدة كل المباريات لوحدي، بينما كانت هي في عالم آخر غير الرياضة، لكن بعد الهزة الارتدادية التي حصلت في مجتمعنا عقب الأحداث الرياضية الأخيرة، أصبحت زوجتي تنافسني في مشاهدة مباريات كرة القدم وأصبحت مجبرا على الإجابة عن أسئلتها المزعجة أحيانا حول المباريات التي لا تعرف من الرابح فيها ومن الخاسر''. ولم يتوقف هذا الهوس الذي أصاب بعض النساء إن لم نقل كلهن عند هذا الحد، فهناك من النساء من قرّرت أخذ عطلة مع موعد المونديال، للتأهب لمسايرة الحدث، فمثلا السيدة كريمة تقول إنها حصلت على علم ضخم وإنها اتفقت مع صديقاتها للاحتفال عند فوز الفريق الوطني بأول مقابلة، أما السيدة فتيحة فقرّرت السفر لجنوب إفريقا لأنها لا تحتمل مشاهدة هذا الحدث العظيم من وراء الشاشة، فهي لا تتمالك نفسها لو لم تقف عن كثب على مجريات الحدث، وعلى رأيها فهي حجة وفرجة ففي كل الأحوال تقول ''نحن نقضي عطلة''، فيما عبّرت السيدة حسيبة وهي أستاذة جامعية عن أسفها لعدم تمكن المرأة من الذهاب للملاعب الوطنية كباقي نساء العالم بسبب غياب عنصر الاحترام، وتضيف ''لو كان هذا متوفرا لكانت النساء المناصرات بالملاعب يفقن نسبة الرجال''. من جهتها، السيدة نادية وهي منظفة عمارة استفسرناها عن هذه الظاهرة الجديدة، لتوضح أنها أصحبت تعشق كرة القدم، وتعرف كل أسماء اللاعبين بعدما كانت أمية في هذا المجال، والسبب حسبها لا إرادي، فهي وجدت نفسها فجأة مشاهدة دائمة للرياضة، ومتابعة كل ما له صلة بالفريق الوطني وحتى الأندية العالمية الأخرى وتعد في حال فوز فريقنا في المقابلة الأولى خلال المونديال بأنها ستخرج للاحتفال كما سبق وفعلت عندما فاز الخضر على الفراعنة. أما السيد حمزة وهو مستشار بإحدى الوزارات، فقد تأسف لهذه الهوس الذي أصاب المرأة وتمنى انتهاء هذه الأحداث بأسرع وقت لتعود المرأة الجزائرية إلى عقلها كما قال.