يواجه المواطنون الراغبون في استخراج وثائق الهوية والسفر البيومترية تعقيدات وإجراءات لا يمكن وصفها إلا بالبيروقراطية، حيث أنه وعلى الرغم من إلغاء عدد من الوثائق التي كانت ملزمة في بادئ الأمر إلا أن أعوان الدوائر المكلفين بالعملية يرفضون الالتزام بسبب عدم تلقيهم أية أوامر مكتوبة من قبل وزارة الداخلية، من جانب آخر فإن عملية استخراج الوثائق البيومترية تسير في اتجاه جيد بعد تبدد جميع المشاكل التي صاحبت انطلاق العملية وعلى الرغم من صدور بيان وزارة الداخلية الذي يؤكد تخفيف الإجراءات الجديدة الخاصة بتسهيل استخراج بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر البيو متريين الإلكترونيين، بحيث تم إلغاء وحذف بعض الوثائق وعددها أربع ويتعلق الأمر بمستخرج عقد ميلاد الأب، مستخرج عقد ميلاد الأم، البطاقة الشخصية للحالة المدنية والرخصة الأبوية أو رخصة الممثل الشرعي بالنسبة للقصر، حيث يعتبر إمضاء استمارة الطلب من قبل الممثل الشرعي بمثابة ترخيص، إلا أنه وبحسب الاستطلاع الذي قامت به ''المساء'' عبر عدد من الدوائر النموذجية بالعاصمة يؤكد أن هذه التعليمات لم تصل بعد إلى مصالح الدوائر الإدارية المكلفة بالعملية. ففي الدائرة الإدارية لحسين داي التي شهدت الانطلاق الرسمي لعملية استخراج الوثائق البيومترية، تكفل أحد أعوان الحراسة عند المدخل المؤدي إلى الجناح المخصص لاستخراج وثائق الهوية والسفر بإعطاء توضيحات مدققة -وغير قابلة للنقاش أو التفاوض- للمواطنين بخصوص الإجراءات الجديدة حيث أنه وعلى الرغم من صدور تعليمات في شكل بيان من وزارة الداخلية بخصوص إلغاء عدد من الوثائق الإدارية إلا أن صاحبنا نفى الأمر مؤكدا أن الدائرة لم تتلق أية تعليمات أوترخيص مكتوب بإلغاء أية وثيقة مما أدخل المواطنين في حيرة من أمرهم. المواطنون يترقبون الضوء الأخضر للدوائر وقد تبددت فرحة العديد من المواطنين الذين سمعوا مسبقا واطلعوا على ذلك عبر صفحات العديد من الجرائد عن إقدام وزارة الداخلية بإلغاء عدد من الوثائق الداخلية لاسيما تلك التي وجدوا فيها صعوبة على غرار شهادات عقد الميلاد الخاصة بالأبوين، خاصة لكبار السن الذين فقدوا أي أثر إداري لأوليائهم الأمر الذي عطل استصدارهم لوثائقهم بل ودفع بالكثيرين إلى تأجيل أو التراجع عن استخراجها لتعقد الأمر منذ البداية. وبحسب السيدة ''حورية.أ'' التي التقيناها عند مدخل الدائرة الإدارية لحسين داي فإنها في الأول قامت باستخراج كافة الوثائق الإدارية الخاصة بملف الحصول على جواز السفر البيومتري أملا في أن يكون جاهزا خلال هذه الصائفة للتوجه إلى كندا لزيارة أبنائها غير أنها اصطدمت بوثائق عقود الميلاد لوالديها المتوفيين قبل اندلاع ثورة التحرير علما أن والديها -حسب تصريحها- مع ذلك سجلا بتواريخ ميلاد تقريبية ويستحيل مع ذلك العثور على أي بيان إداري حول تاريخ ميلادهما ونفس الشيء بالنسبة لسيدة أخرى توجهت إلى الدائرة المذكورة لاستخراج بطاقة التعريف الوطنية منذ الوهلة الأولى لكنها تخلت عن الأمر بسبب مطالبتها بوثيقة الجنسية التي تتطلب هويات الآباء وكذا الأجداد والتي تقول بشأنهم ''أنا شخصيا لم أعرف والداي فكيف إذا تعلق الأمر بأجدادي الذين عاشوا إبان الحكم العثماني ..كل هذه الأمور تعقد من مهمتنا وأنا لحد الآن أمشي بدون بطاقة تعريف وكلي أمل في أن يتم حقا إلغاء مثل هذه الوثائق ''التعجيزية''. مواطنون آخرون وجدناهم لدى شبابيك مصلحة استخراج جواز السفر يستفسرون عما إذا تم حقا إلغاء حضور أو توقيع الضامن غير أن أعوان الإدارة بدائرة الحراش لم يجدوا ما يردون به على المستفسرين سوى ضرورة انتظار تأكيد الإشاعة بمراسلة أو تعليمة مكتوبة من قبل الوزارة ويتساءل كل المواطنين الذين التقيناهم حول ما إذا كانت هذه التصرفات مجرد عدم تنسيق بين الإدارة المركزية والمحلية أم أنها ممارسات بيروقراطية من قبل أعوان الإدارة الذين ربما تجاوزتهم الأمور ووجدوا أنفسهم مضطرين إلى هذا التصرف للتخفيف من الضغط والاكتظاظ المسجل على مصالحهم. إقبال كبير ووعي أكبر من جانب آخر لمسنا من خلال الجولة التي قادتنا إلى عدد من دوائر العاصمة مدى الإقبال الكبير والمتزايد للمواطنين على استخراج الوثائق البيومترية بشكل اضطر المصالح المعنية إلى تنظيم طوابير الطالبين من خلال أخذ مواعيد، فيما تعلق قائمة لأسماء الذين جهزت جوازاتهم أو وثائقهم وفق النظام الكلاسيكي ولأولئك المحددة أسماؤهم لأخذ صور بيومترية وذلك عند مدخل مقرات الدوائر على غرار دائرة حسين داي التي تشهد تدفقا كبيرا للمواطنين. ولعل هذا الإقبال والتوافد الكبير للمواطنين يدل على الوعي الكبير لديهم وهو ما لمسناه لدى إحدى الشابات بمصلحة استخراج الوثائق بدائرة حسين داي والتي أكدت أنها وبعد ترددها في بادئ الأمر قررت أن تخوض تجربة استخراج جواز السفر البيومتري خاصة بعد أن تأكد لها انه بإمكانها الحصول على نسخة كلاسيكية إلى حين أن تجهز النسخة البيومترية مما سيمكنها من قضاء عطلة خارج الوطن -تضيف نفس المتحدثة- والتي فقدت الأمل في ذلك في بادئ الأمر، كما انه وبحسب الأعوان العاملين بالدوائر فإن العملية بدأت تأخذ مجراها العملي والجاد خاصة بعد تبدد جميع العراقيل والمشاكل التي صاحبت انطلاق عملية استخراج الوثائق البيومترية لاسيما ما تعلق بنزع الخمار وحلق اللحية بحيث تأكد لنا أن العملية تسير بشكل طبيعي ومن دون مشاكل وهو ما تؤكده السيدة حورية التي أخذت لها صورة بيومترية من دون خمار وتقول ''ترددت كثيرا لكنني أنهيت العملية ومرت بهدوء وسلام خاصة مع تواجد نساء بذات المصلحة والمكلفات بأخذ الصورة البيومترية فلم أشعر بأي حرج .. وأظن أن العملية لم تكن تستدعي كل الضجيج الذي أثير حولها..''. للإشارة كانت وزارة الداخلية قد أصدرت بيانا تضمن جملة من التدابير المتخذة في إطار تخفيف وتسهيل الإجراءات الجديدة المتعلقة بإصدار بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين الإلكترونيين حيث أشار البيان إلى إلغاء أربع وثائق من قائمة الملف الخاص بالعملية ويتعلق الأمر بمستخرج عقد ميلاد الأب، مستخرج عقد ميلاد الأم، البطاقة الشخصية للحالة المدنية والرخصة الأبوية أو رخصة الممثل الشرعي بالنسبة للقصر حيث يعتبر إمضاء استمارة الطلب من قبل الممثل الشرعي بمثابة ترخيص.