عاشت الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال أمس أجواء خاصة، ميزتها الاستعراضات العسكرية الرائعة، والتمارين البحرية غير المسبوقة وفرحة الخريجين وأهاليهم، الذين شاركهم إياها رئيس الجمهورية، وقد أصبح ذلك سنّة وتقليداً تنتظره هذه القلعة العسكرية والعلمية، التي تختتم بعرسها مراسيم الاحتفال بالخريجين من مختلف المدارس العسكرية التي توالت منذ أيام، وتأكد في هذا الحفل أن الجيش الوطني الشعبي، يواصل الارتقاء في السلم العلمي والعسكري ويستمر في الذود عن حمى أمتنا ومحاربة كل ما يضر أمنها ووحدة ترابها. أشرف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني أمس على حفل تخرج ثلاث دفعات لسنة 2009-2010 بالأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة لشرشال بولاية تيبازة، وقد استقبل رئيس الجمهورية لدى وصوله إلى الأكاديمية العسكرية من طرف الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني السيد عبد المالك قنايزية ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح وقائد الأكاديمية العميد عبد الغاني مالطي، وقد حضر مراسيم حفل التخرج أعضاء من الحكومة وضباط سامون في الجيش الوطني الشعبي، وملحقون عسكريون لدول شقيقة وصديقة وجمع من أهالي المتخرجين. وفي بداية الحفل قام رئيس الجمهورية بتفتيش الدفعات المتخرجة التي اصطفت بساحة العلم، ويتعلق الأمر بالدفعة الثامنة والثلاثين من الضباط المتربصين بدورة القيادة والأركان الذين قضوا سنة دراسية واحدة بالأكاديمية والدفعة الواحدة والأربعين للطلبة الضباط العاملين من التكوين الأساسي الذين أنهوا مدة تكوين دامت ثلاث سنوات، وكذا الدفعة الثالثة للتكوين القاعدي المشترك. وفي كلمته حيا قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح حضور رئيس الجمهورية وتلبيته للدعوة، مشيراً إلى أن هذه الالتفاتة أصبحت سنة حميدة، تدل على حرصه الشخصي ومرافقته الدائمة والمحفزة على إنجاح مساعي وجهود تطوير قواتنا المسلحة والارتقاء بها بما يتساوق مع مهامها الدستورية. وأكد الفريق قايد صالح عزم قوات الجيش الوطني على مواصلة محاربة الإرهاب الى غاية تطهير البلاد من ''هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا وعن تقاليد شعبنا''، وأنه سوف يواصل تنفيذ استراتيجية مكافحة الارهاب وتكييفها مع الواقع الميداني، كما حملت كلمته عدة نقاط، تتعلق بمواصلة الاهتمام بتكوين العنصر البشري والإشادة بنتائج مدرسة أشبال الأمة. من جهته؛ ذكر قائد الأكاديمية العميد عبد الغاني مالطي في كلمته أن مؤسسته التي تعد قلعة علمية وعسكرية ساهمت منذ الاستقلال في لعب دور أساسي في تكوين عدد هام من المنحدرين من جيش التحرير الوطني، وأصبحت قبلة العديد من الدول الصديقة والشقيقة لتكوين ضباطها الذين أصبحوا اليوم في مراكز قيادية هامة، وأن هذا الصرح الكبير لا يزال يواصل مهمة التكوين النوعي بما توفره الدولة من إمكانيات مادية وبشرية هامة، كما نوه قائد الأكاديمية بالمجهودات المبذولة من طرف المؤطرين العسكريين والمدنيين من أجل تحقيق الأهداف البيداغوجية التي تكللت بتكوين شامل للأفراد من مختلف الرتب والدورات، مؤكداً أن مؤسسته شهدت نقلة نوعية في عملية التكوين، بفضل الاهتمام والدعم المادي الذي حظيت به. وقام رئيس الجمهورية رفقة الإطارات العليا للجيش بتقليد الرتب وتوزيع الشهادات على الضباط الثمانية الأوائل من الدفعات المتخرجة، منهم ثلاثة من دول شقيقة هي سوريا، ليبيا وفلسطين، وتواصلت مراسيم هذا الحفل بتسليم الدفعة المتخرجة من الطلبة الضباط العاملين لراية الأكاديمية للدفعة الموالية قبل أن يتقدم المتفوق الأول من الدفعة ال41 من التكوين الأساسي ليطلب من رئيس الجمهورية الموافقة على تسمية الدفعة باسم الشهيد البطل الرائد عمار عاشي. وقد استمتع الحضور مثلما جرت العادة بعروض رياضية في القتال المتلاحم والكاراتي والجيدو والحركات الرياضية الجماعية بالسلاح وبدون سلاح، ليتم تشكيل لوحة تمثل خريطة الجزائر والألوان الوطنية وحماية الحدود من طرف الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، واختتم الحفل باستعراض عسكري تحت أنغام الموسيقى العسكرية لفرقة الحرس الجمهوري تتقدمها مجموعة العلم وتليها مربعات تشكيلات الضباط المتربصين والطلبة الضباط العاملين واستعراض في القفز المظلي، حيث صفق الحضور للاستعراض الشيق ونزول مظليي القوات الخاصة من الحوامات، وبعضهم يحملون الراية الوطنية، صورة الرئيس وراية الأكاديمية، بعدها تابع رئيس الجمهورية تمارين بيانية من تنفيذ القوات البحرية تتمثل في تفتيش سفينة مشبوهة من طرف الرماة البحريين وتمرين تحت الماء من تنفيذ غطاسي القوات البحرية لإزالة الألغام. وبعد نهاية الاستعراض العسكري انتقل رئيس الجمهورية الى حقل التمرينات حيث قدمت له عدة تمارين تكتيكية بيانية من تنفيذ طلبة السنة الأولى من التكوين العسكري القاعدي المشترك تلاه استعراض في الفروسية وفي الحركات القتالية وتمرين قتالي من تنفيذ القوات الخاصة، كما عاين رئيس الجمهورية قاعة جديدة للتأمين اللوجيستيكي مجهزة بوسائل بيداغوجية متطورة على مستوى مديرية التعليم العالي ليقوم بعدها بتكريم عائلة الشهيد عمار عاشي ويوقع السجل الذهبي للأكاديمية. للإشارة ينحدر الشهيد عمار عاشي الذي سميت باسمه الدفعات المتخرجة من عائلة مناضلة حيث التحق بصفوف حزب الشعب الجزائري في سن مبكرة واعتقل قبل اندلاع الثورة وزج به في السجن وحكم عليه بالاعدام. وفي شهر ماي 1955 فر من السجن والتحق بصفوف جيش التحرير الوطني حيث أوكلت له قيادة مجاهدي ناحية شيليا بولاية خنشلة وقاد العديد من المعارك ضد العدو بالمنطقتين الأولى والثانية بالولاية الأولى التاريخية. وبعد مسيرة من النضال البطولي المتواصل سقط الشهيد في ميدان الشرف عام 1959 بالولاية الأولى التاريخية.