ولتحليل صورة السجين عند أفراد المجتمع وأثرها على مشاعره وشعوره الداخلي يوضح الاستاذ خلايفية محمد الخبير في علم النفس التربوي بجامعة تيزي وزو بغض النظر عن نوع الجرم الذي اقترفه، يعيش الشخص الذي اودع الحبس حياة اخرى غير تلك التي كان يعيشها، فمن اليوم الاول لدخوله السجن، أو كما يسميها بعض علماء التربية (مؤسسة التصحيح السلوكي)، تظهر لدى السجين تغيرات نفسية وانفعالية وفكرية، وأيضا جسمية ينجم عنها سلوك جديد تحكمه ضوابط جديدة مغلقة، تحد من حريته وإراداته· وحسب الأستاذ خلايفية إن الأبحاث في علم الاجرام وعلم نفس الجريمة اشارت إلى أن الاشخاص يختلفون في تصوراتهم لفكرة السجن او الحبس فمنهم من يراها انحرافا عن السلوك السوي، ومنهم من يعتبرها محض صدفة ومنهم من يجعلها صفة للحياة الثائرة على الأوضاع، أو كما يعبر بعض العوام الحبس للرجال؟!·ومهما يكن من أمر فشخصية السجين تتلون إلى حد كبير بألوان المؤسسة العقابية التي دخلها· ويعتبر الخبير في علم النفس التربوي أن تواجد الفرد في السجن يجعله يعيش حياة اجتماعية منضبطة ونفسية خاضعة لمراقبة واختلال في القوى النفسية والجسمية، وعند خروجه منه يقوم بمحاولات للاندماج وتدارك النقائص لإعادة تركيب البناءات النفسية وتهدئة الاختلالات مؤكدا أن الامر ليس سهلا لمحاولة فهم نفسية السجين، فما يدور في عقله قبل الوقوع في الخطأ، الذي يؤدي به إلى السجن شيء غير سهل للتفهم، لكن تعتني الدول اليوم بدراسة سلوكات المجرمين حيث أن وضعية السجين بعد العقوبة وما يصحبها من سلوكات وآثار تستدعي إيجاد وسيلة لتصحيح كثير من المفاهيم حول السجين وذلك بطرح التساؤلات: هل الشخص المحبوس غير قابل للإصلاح ؟ وهل الخطأ الذي ارتكبه يمكن تفاديه مع غيره؟ وهل من حق افراد المجتمع ان يحكموا حكما حازما؟ واجب المجتمع تجاه السجين إن الحياة الزاخرة بالحركية والتدافعات، توقع أحيانا أناسا في أخطاء غير متعمدة، لكن قطار العقوبة لا يمكن أن يتوقف عند كل نقطة، غير تلك التي يحددها له المخططون· والسجين بعد أن استوفى المدة التي حكم بها عليه، قد أدى ما عليه، فالواجب على المجتمع أن يؤدي تجاهه ما عليه العفو والصفح، وقديما قال الحكيم لأن يخطئ الحاكم في العفو، خير له من أن يخطئ في العقوبة· وإذا كان قد أخطأ - فإيجابية ذلك - والتي هي عبرة لمن يعتبر- أنه قد اخبر بلسان حاله عن سوء ما فعل وعن سيء ما تعرض له من سجن، وتحديد لحريته وربط لحبال سلوكه· وعلى قاعدة كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، فإن مجرد خروجه من الحبس، عودة إلى الطريق، ورجوع إلى الحياة الاجتماعية وتوبة على صعيد النفس والعقل!· وعن الدور الذي ينبغي لعبه من قبل المجتمع يقول إن واجب مجتمعنا نحو هؤلاء السجناء، أن يرحبوا بهم كعناصر تدعم بناء الوطن، ليشيدوا البلاد ويندمجوا مع العباد··