في سابقة هي الأولى من نوعها انتقل أعضاء الأركسترا الفيلارموني لمدينة نيويوركالأمريكية إلى العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يونغ لتنظيم أول حفل من نوعه في تاريخ العلاقات المتوترة إن لم نقل المنعدمة بين كوريا الشمالية والولاياتالمتحدة·ولأن الحدث ذا أهمية بالغة ليس على علاقات البلدين ولكن أيضا على العلاقات الدولية فإن الحفل سيتم نقله عبر جميع تلفزيونات العالم· وقال رئيس الجوق لوران مازال أن الحدث يعتبر لفتة لتأكيد الصداقة والإرادة الصادقة من شعب تجاه الآخر، وبغض النظر عن هذا التبرير، فإن التصرف حتى وإن كان ظاهره فني فإنه يحمل حسابات وقراءات سياسية تصب كلها في التطورات الأخيرة الحاصلة في العلاقات بين بيونغ يونغ وواشنطن· ولا يستبعد وفق العرف الدولي فإن تنقل الجوق الفيلارموني لمدينة نيويورك إلى العاصمة الكورية الشمالية سيكون بداية لتطورات سياسية لاحقة في سياق المؤشرات الإيجابية التي قد تفرزها المفاوضات السياسية حول الملف النووي الكوري الشمالي· وشكل هذا الملف الشائك وانغلاق النظام الكوري الشمالي وكذا تمسكه بالنهج الشيوعي عقبات حالات منذ قرابة 60 عاما دون تحقيق تقارب بين البلدين، بل أن ذلك جعل الولاياتالمتحدة تضع كوريا الشمالية في قائمة الدول المارقة مع عراق صدام حسين وسوريا وإيران· ورغم أن بيونغ يونغ قبلت بوقف برنامجها النووي بعد دخولها النادي النووي كثامن عضو فيه بعد تفجيرها لأول قنبلة ذرية إلاّ أن الجليد ولغة الشك مازالا أهم ميزتين لعلاقات البلدين· وهي عقبات لم تفقد المتتبعين تفاؤلهم بإمكانية تحقيق تقدم في علاقات البلدين رغم حساسية الملفات العالقة بينهما·ويتذكر العالم ما أحدثه فريق لعبة تنس الطاولة الأمريكي الذي زار العاصمة الصينية سنة 1972 رغم عدم اعتراق الولايات المتحددة بالجمهورية الصينية ورغم حدة الصراع الذي كان يميز علاقات العسكريين الشيوعي والرأسمالي آنذاك وعلى خلفية حرب فيتنام وانقسام هذه الدولة إلى شمالية وجنوبية بسبب صراع الإيديولوجيات آنذاك· ولم تكن زيارة فريق "البنغ بونغ" الأمريكي إلى بكين سابقة في تاريخ العلاقات بين البلدين بل بداية لتطبيع العلاقات بينهما ورضوخ الرئيس ريتشارد نيكسون لضغوط متزايدة واضطر للاعتراف بالعملاق الشيوعي الأصفر·ولا يستبعد أن تكون الموسيقى قد دخلت العزف الدولي بدلا من الرياضة لتطبيع العلاقة بين أشد دولتين عداءً في العالم في الوقت الراهن· وتبقى مقاربة هذا التقارب قائمة رغم أن الحفل السمفوني لن يحضره أي مسؤول أمريكي، ولكن توجب الإشارة إلى أن الحفل انتظم في نفس الوقت الذي شرعت فيه وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في جولة آسيوية تشمل كوبا الجنوبية واليابان والصين وستطغى عليها المفاوضات حول الملف النووي الكوري الشمالي·