ساعات ويرحل رمضان بعد أن قضى المسلمون أيامه بالصيام وأحيا الصالحون ليله بالقيام، سيرحل شهر الغفران والعتق من النيران، يرحل بعدما سكنت فيه النفوس واطمأنت فيه القلوب، وداوم فيه البعض على العمل الصالح وصلة الأرحام. كل مسلم يرى رمضان من زاويته.. هناك من يداوم على الصلاة والذكر.. وهناك من يسهر طويلا وينام كثيرا.. وهناك من يتسوق بشراهة.. وهناك من يصوم على المأكل والمشرب لا غير.. فهلا تساءلتم من الفائز في رمضان؟ هل هو التاجر الذي يجد في رمضان فرصة ربح لا تعوض فيعمد الى مضاعفة الأسعار بثلاث مرات عوض الرفق بأحوال الناس؟ هل هو ذلك الذي يمضي ساعات يومه الرمضاني الطويلة في الأسواق والبحث عن الملذات، أم ذلك الذي يجد في سهرات رمضان نكهة خاصة لا يجب تفويتها.. أم غير هؤلاء جميعا؟ مجتمعنا يضم المتناقضات الأربع، وهذا بديهي فلا يمكن أن يكون البشر أمثال بعض ولا يمكن للنفوس أن تكون متماثلة. ولكن لماذا لا نحرص أن نبقى على ما كنا عليه خلال رمضان ولو بالقدر اليسير.. كنا نتقلب في أعمال الخير وأبوابه حتى قد يقول الواحد منا يا ليتني أموت على هذا الحال ! أو يا ليت خاتمتي كانت في رمضان..! فهل لا بد ان يزورنا رمضان أكثر من مرة في السنة حتى نراجع أنفسنا ونسارع للخيرات؟ قد يعود تارك الصلاة لتركها مجددا بعد رحيل رمضان وهو الذي حرص على أدائها طوال شهر كاملة غير منقوصة، ويعود آكل الربا لأكله والنمّام لنميمته.. وهكذا لماذا لا يتمكن الناس من مواصلة الدرب والاجتهاد خلال رمضان وبعد رحيله! استفهام يبقى مطروحا.. رغم أن الزبد يذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، بحسب الآية الكريمة.