هز موقع ويكيليكس الإلكتروني المختص في نشر الأخبار السرية عرش البنتاغون وكل الإدارة الأمريكية بعد إقدامه على أكبر عملية تسريب لوثائق حديثة في غاية السرية تخص الحرب في العراق، فضحت بشكل غير مسبوق ممارسات قوات الاحتلال في هذا البلد وطرق إبادة المدنيين العراقيين وتعذيبهم تحت غطاء تلقينهم أسس الحرية والديمقراطية. وفي سيل بلغ أكثر من 400 ألف وثيقة أدرجت في خانة ''سري دفاع'' و''سري جدا'' و''سري'' قام الموقع بنشر غسيل الحرب الأمريكية بناء على تقارير مخبرين وعملاء لوكالات التجسس الأمريكية التي نشطت في العراق قبل وبعد الاجتياح الأمريكي لهذا البلد في مارس .2003 ولا تخلو وثيقة واحدة من تلك التي نشرت من أفظع الممارسات التي اقترفتها القوات الأمريكية بتزكية مباشرة من قيادات البنتاغون وبعلاقة متعدية من البيت الأبيض ضد المقاومة العراقية التي حاولت الوقوف في وجه وحدات المارينز بل أن تلك التجاوزات طالت المدنيين العراقيين الذين وجدوا أنفسهم بين فكي كماشة حرب لم يجنوا منها سوى مآسي القتل والتهجير والإبادة الطائفية. وبالنظر إلى حداثة المعلومات المسربة وصدقيتها فقد كان لها وقع الزلزال في أعلى هرم البنتاغون المتهم رقم واحد بتكرار تلك المجازر وغضه الطرف عنها وعايش العراقيون مشاهدها بصمت وحرقة داخلية لأنهم لم يجدوا جهة تسمع مأساتهم ودرجة معاناتهم كون من أعطى أوامر شن الحرب هو الذي نفذها. ودون مواربة أو إخفاء للحقائق أكدت الوثائق السرية التي تم نشرها على الشبكة العنكبوتية أن دول التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة غضت الطرف على جرائم اقترفتها القوات العراقية والأمريكية ضد المواطنين العراقيين في عمليات قتل وصفها الموقع الإلكتروني على أنها جرائم حرب كونها نفذت ضد أشخاص كانوا يعتزمون تسليم أنفسهم لهذه القوات أو إقدام قوات أمريكية على تفجير مبان بأكملها لا لسبب إلا لكونها تعرضت لطلقة نارية منها غير مكترثة بمصير ساكنيها. وأحصت الوثائق ضمن هذا السياق آلاف حالات التعذيب التي تعرض لها عراقيون في زنزانات سرية سواء على أيدي القوات العراقية أو الأمريكية لمجرد الاشتباه فيهم بالانتماء إلى المقاومة العراقية أو تحت طائلة الحرب الطائفية إذ يكفي أن تكون سنيا حتى تدفع ثمن انتمائك في غياهب السجون وفي كثير من الحالات الموت المحتوم. وأقدم جوليان اسانج مؤسس الموقع على سد أي منفذ أمام البنتاغون للضغط عليه وقام بنزع أسماء مازالت تمارس مهامها سواء من العراقيين أو الأمريكيين في العراق لتفادي تعرضهم لأي مكروه وهي الذريعة التي رفعتها الإدارة الأمريكية عندما عارضت نشر هذه الوثائق السرية. كما عمد مؤسسو الموقع إلى تسليم هذه الوثاق قبل نشرها إلى عدة هيئات إعلامية دولية مثل ''الجزيرة'' القطرية و''سي .أن. أن'' الأمريكية و''نيويورك تايمز'' الأمريكية و''الغرديان'' البريطانية و''دير شبيغل'' الألمانية ووكالة الأنباء الفرنسية. وأكدت الوثائق تكتم القيادة العسكرية الأمريكية في العراق على تجاوزات القوات العراقية وأيضا عمليات القتل غير المبرر التي راح ضحيتها مئات العراقيين لمجرد اقترابهم من نقاط المراقبة التي نصبتها القوات الأمريكية في مختلف المدن العراقية لمجرد الاشتباه فيهم ليتأكد أن القتلى أطفال ونساء وعائلات بأكملها لا علاقة لهم بالمقاومة ولا بالحرب. وشملت الوثائق المسربة كل التجاوزات المرتكبة ما بين الفاتح جانفي 2004 وإلى غاية 31 ديسمبر 2009 خلفت في مجملها أكثر من 100 ألف قتيل 60 بالمئة منهم من المدنيين بما يعادل حوالي 70 ألف مدني في وقت مازالت حالات أكثر من 15 ألف قتيل طي الكتمان والتستر من طرف البنتاغون الأمريكي. وأكدت هذه الوثائق أن نوري المالكي الوزير الأول العراقي المنتهية عهدته كان يشرف على ألوية موت زرعت الموت في أوساط العراقيين السنة منذ بداية الاحتلال الأمريكي بنفس بشاعة ممارسات شركة بلاك ووتر الأمنية الأمريكية التي زرعت هي الأخرى الرعب والقتل الممنهج ضد المدنيين العراقيين. وكان أعوان هذه الشركة التي تضمن الحراسة للشخصيات الأمريكية عاملة في العراق دون رقيب ولا حسيب بل أنها فرضت منطقها على الحكومة العراقية التي بقيت في موقع العاجز عن التحرك رغم التقارير التي أكدت خرق أعوان هذه الشركة لأدنى قوانين العمل الأمني بعد أن أصبحوا يقتلون الناس جهارا نهارا دون أن يتجرأ أحد على وضع حد لجرائمهم التي بقيت دون عقاب ولا متابعات قضائية من طرف العدالة العراقية. ورغم فظاعة المجازر التي اقترفها هؤلاء فإن الحكومة العراقية قللت من أهمية الحقائق التي تضمنتها هذه الوثائق وأكدت أنها غير مفاجئة ولم تتضمن جديدا. وقال كمال الأمين الناطق باسم وزارة حقوق الإنسان العراقية أن الوثائق لم تكن مفاجئة لأنه سبق وأن أثرنا مثل هذه التجاوزات بما فيها تلك التي وقعت في سجن ابو غريب.