بدأت طبول الحرب تقرع بقوة في غرب امريكا اللاتينية مع احتمالات متزايدة لاشتعال فتيل الحرب بين كولومبيا والأكواتور وربما امتد لهيبها إلى دول مجاورة·واشتدت اللهجة بين بوغوتا وكيتو خلال الأيام الأخيرة من خلال ملاسنات واتهامات متبادلة أدت الى وضع قوات البلدين في حالة تأهب قصوى تحسبا لأي انزلاق مفاجئ للوضع باتجاه المواجهة المسلحة· وزادت حدة التوتر بين البلدين، بعد اقدام قوات كولومبية خاصة، بالتسلل عبر الحدود الدولية الى العمق الاكواتوري وقامت بقتل الرقم الثاني في الحركة المسلحة الثورية الكولومبية الماوية المناهضة لنظام الحكم ي بوغوتا والتي تتخد من أدغال جبال شرق الاكواتور معاقل لها منذ عقود· واعتبر الرئيس الاكواتوري رافائيل كوريا العملية بمثابة انتهاك لسيادة الترابية لبلاده وأمر بطرد السفير الكولومبي في بلاده في نفس الوقت الذي أعطى فيه أوامر بوضع قوات جيشه في حالة تأهب قصوى على طول الحدود المشتركة مع كولومبيا· ودحض الرئيس الاكواتوري في التبريرات أصدرتها السلطات الكولومبية التي أكدت أن مقتل اوسكار نارانخو جاءت ردا على هجمات لعناصر الدرب المنير المتمردة· وبين تصريحات الرئيس الكولومبي الفارو أوريبي الذي نفى إتهامات كيتو بانتهاك السيادة الاقليمية وبين تأكيدات نظيره الاكواتوري رافائيل كورييا، لم يتأخر هذا الأخير أمس في الاعلان عن قطع علاقات بلاده الديبلوماسية مع بوغوتا، داعيا المجتمع الدولي الى التنديد بما أسماه بانتهاك السيادة الترابية لبلاده· وذهب الرئيس كورييا في ظل التطورات المتلاحقة إلى وصف الوضع الناجم عن عمليات القصف الجوي الكولومبي للمناطق الحدودية الاكواتورية بالخطر جدا على الاستقرار في كل أمريكا اللاتينية بعد أن أكد أن النزاع لم يبق في إطاره الثنائي بل تحول إلى نزاع إقليمي· وحذر الرئيس الاكواتوري من مخاطر الوصول الى هذه المواجهة وقال أنه في حال انزلاق الوضع باتجاه الأسوإ فإن المنطقة ستتحول الى شرق أوسط جديد· وبرر الرئيس كورييا تشاؤمه من تطورات الوضع كونها المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الانتهاك الذي لم تشهده دول أمريكا اللاتينية خلال الثورات التي شهدتها نيكاراغوا والسلفادور وغواتيمالا وحتى في البيرو والبرازيل والأرجنتين، حيث لم تتجرأ أية دولة من هذه الدول على انتهاك سيادة دولة أخرى· ولكن الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي المعروف بموالاته للولايات المتحدة في سياستها الأمريكو لاتينية برر هو الآخر عملية الاغتيال وقال إن الوثائق التي عثر عليها لدى القوات المسلحة الثورية الكولومبية بعد مقتل الرقم الثاني فيها راؤول راييس و16 مسلحا آخر أكدت وجود علاقات بين الرئيس الاكواتوري وهذا التنظيم المسلح، وهو ما نفته كيتو في حينه· وفي ظل التطورات المتسارعة التي تعرفها هذه الأزمة بدأت كل امريكا اللاتينية تعيش على وقع هذا التوتر وخاصة بعد أن قرر الرئيس الاكواتوري القيام بجولة تضم دول البيرو والبرازيل وفنزويلا للحصول على دعم عواصمها ضد الاعتداء الكولومبي· ولم ينتظر الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز وصول صديقه رافائيل كورييا وقرر طرد السفير الكولومبي في كاراكاس فرناندو مارين وغلق الحدود بين بلاده وكولومبيا·ولم يكتف شافيز ذلك فقد قرر إرسال تعزيزات عسكرية الى الحدود المجاورة لكولومبيا وتحسبا لأية تطورات غير محمودة العواقب· وهو الموقف الذي اتخذه الرئيس الكوبي الجديد راؤول كاسترو في أول تعامل له مع أزمة من هذا الحجم وقال أن كوبا تقف الى جانب الاكواتور في نزاعها مع الجارة كولومبيا·وأمام هذا التصعيد دعا الأمين العام الأممي بانكي مون أطراف هذا النزاع الذي بدأ يأخذ بعدا إقليميا الى ضبط النفس وانتهاج لغة الحوار لحل خلافاتهما·