كان تطوير الموارد البشرية المحور الرئيسي الذي دارت حوله تدخلات المشاركين في الندوة الدولية السادسة حول الصناعات التقليدية التي بدأت أشغالها أمس بقصر المعارض في الجزائر على هامش الصالون الدولي ال 14 للصناعات التقليدية· فتحت عنوان "تطوير الموارد البشرية عامل لنمو قطاع الصناعات التقليدية" تم التأكيد على أهمية تكييف الحرفيين مع التطورات الحاصلة في عالم أصبح يحكمه مفهوم "مجتمع المعلومات"، وهو ما يتطلب أخذ العوامل الاجتماعية والاقتصادية المحلية والخارجية بعين الاعتبار في عمل محترفي الصناعات التقليدية، الذين يجدون انفسهم اليوم اكثر من أي وقت مضى، مضطرين الى الخروج من دائرة المنتج الموروث عن الأجداد غير القابل للتجدد· ولهذه الأسباب تطرح إشكالية التكوين بشدة، باعتبار هذا الأخير هو العامل الذي يسمح للحرفي بالإبداع والتجديد رغم التحفظات التي قد تجعل البعض لايحبذ هذا الاتجاه لاعتبارات تتعلق بالانشغال حول عراقة وأصالة المنتج التي تعطي له قيمته وتجعله مختلفا عن المنتج المصنع· فكثير من الحرفيين الذين التقيناهم عبروا عن مثل هذا الانشغال لاسيما وأن بعض برامج التكوين تتم بالشراكة مع خبراء أجانب ليست لديهم معرفة كافية بخصوصيات المنتج التقليدي الجزائري الذي تختلف خصائصه من منطقة لأخرى···وهو ما يشكل ثراء الصناعة التقليدية الجزائرية ويجعلها منافسة لمثيلتها في البلدان الاخرى لاسيما المغاربية والافريقية· وإذا كانت هذه الإشكالية تطرح بالنسبة لمحترفي الصناعة التقليدية بالوراثة، فإن الإشكالية بالنسبة للتكوين مختلفة بالنسبة للذين يريدون تعلم حرفة وهم يملكون مؤهلات لذلك قد لايعلمون بها· وهنا يأتي دور السلطات العمومية التي يعول عليها للدفع نحو جعل هذا القطاع جزءا هاما في المعادلة الاقتصادية لقدرته الكبيرة على خلق مناصب العمل، وهو ما يتم من خلال البرامج التكوينية وبرامج مرافقة الحرفيين· من جانب آخر سمح تنظيم هذه الندوة بطرح مسائل أخرى ذات علاقة بقطاع الصناعات التقليدية لاسيما مدى حماية هذا القطاع في وقت تتعرض فيه المنتجات التقليدية لمنافسة شرسة من منتجات مصنعة من جهة وأخرى مقلدة من جهة أخرى· ولهذا فإن العديد من الخبراء دعوا إلى حماية المنتجات التقليدية من خلال تكييفها مع التقنيات الجديدة خاصة تلك المتعلقة بالشكل الخارجي أو "الديزاين" مع التركيز على عدم إبعاد المنتج عن صورته وميزاته الأصلية· كما يعتبر آخرون انه على قطاع الصناعات التقليدية التكيف مع متطلبات اقتصاد السوق مثله مثل أي قطاع اقتصادي آخر، وهو مايدفعهم للمطالبة بضرورة إخضاع المنتجات التقليدية لمعايير النوعية المعمول بها على المستوى العالمي باعتبارها شرطا أساسيا لتطورالقطاع والسماح لمنتجاته بولوج الأسواق الدولية· ويتطلب ذلك إضافة إلى تحسين الشكل استخدام وسائل ترويجية عصرية وكذا تكريس مبدأ التضامن من خلال تشكيل مجموعات مهنية تدافع عن هذه الحرف· ··كلها شروط لم تتوفر بعد في قطاع الصناعات التقليدية بالجزائر مما يدفع للقول بأن الكثير ينتظر عمله في هذا المجال·