في إطار نشاطه الثقافي المتميز والذي دأب على ملامسة الكثير من القضايا الجادة والشخصيات الوطنية الفذة للتعريف بها ودراستها، استضاف المركز الثقافي الإسلامي أستاذ الحضارة الإسلامية والتاريخ بجامعة الجزائر محمد الأمين بلغيث في محاضرة ألقاها بالمركز تحت عنوان شخصية بن حمادوش الجزائري المتميزة· الأستاذ محمد الأمين بلغيث في تسليطه الضوء على شخصية عبد الرزاق بن حمادوش أكد أنها من بين الشخصيات الجزائرية الفذة والمتميزة على غرار الشخصيات الجزائرية الثقافية والقلمية الأخرى أمثال العامر المعسكري، وأحمد بن عمار وغيرهم من العلماء الذين يمثلون الشخصية الجزائرية المثقفة، وتتميز شخصية عبد الرزاق بن حمادوش بمكانتها العلمية، إضافة الى مكانة عائلته التي تعدّ من بين العائلات العاصمية المعروفة بمدينة الجزائر المحروسة التي كانت أحد القلاع الجهادية وكانت تسمى بمدينة ألف مدفع· أما عن إماطة اللثام ونفض الغبار عن هذه الشخصية فيرجع المحاضر بلغيث الفضل في ذلك الى الدكتور أبو القاسم سعد الله الذي استطاع اخراج هذه الشخصية من ظلمات الأرشيف العثماني، واستعرض المحاضر نبذات من تاريخ هذه الشخصية - التي حسبه- تلقّت تعليمها في العهد العثماني بمدارس الجزائر الأهلية التي لم تكن تديرها الإدارة العثمانية، وأن هذه المدارس لم تكن تعتمد برامج تعليمية محددة ولا تجيز طلبتها الشهادات مثلما كان معمول به في الجامعات الاسلامية الكبرى كجامعة القرويين والزيتونة والأزهر· وكانت شخصية بن حمادوش شخصية علمية تربوية وذات كفاءة علمية رغم الظروف التي عرفها التعليم في الجزائر إبان العهد التركي العثماني، وكان بن حمادوش أحد الشخصيات اللامعة والمشهورة با لحفظ حيث كان يفتخر حسب المحاضر عن أقرانه من علماء المشرق بقدرته على الحفظ واستيعاب كل المتون العربية، كما أنه كان باحثا ومخترعا حيث ساهم في صنع الأسس الأولى لاختراع قذيفة المدافع الكرة، لأنه ورث كتاب المدافع الذي عرف عند أهل غرناطة وطوّره العثمانيون· ورغم هذا البريق العلمي والتميز إلا أن ابن حمادوش لم يعش حياة رتيبة، فحسب المحاضر- عاشت هذه الشخصية مأساة حقيقية بسبب الفقر والحاجة وأنه كان زوجا لسيدتين ونظرا لفقره فرّت أحداهما الى بيت أهلها مما ترك أثرا كبيرا في نفسية بن حامدوش، ورغم هذا الفقر الذي عضه بنابه، إلا أن الكثير من العلماء كانوا يتوددون لابن حمادوش ليجيزهم إيجازات علمية، وكانت حرفته الدباغة فلقب بها أي الدباغ لأن والده كان يحترف الدباغة في حي القصبة وأطلق عليه أيضا اسم المعلم· أما عن حياته فقد عرف ابن حمادوش اليتم بموت والده وهو لا يزال غضا حديث العهد، أما عن تاريخ ميلاده فلم يشر المحاضر الى المصادر التي تذكر ميلاده ووضعه الإجتماعي إلا أنه ذكر بعض أساتذته كالشيخ الدرزازي بالمغرب وأنه عاصر كبار السلاطين العثمانيين مولاي اسماعيل، أما تاريخ وفاته فقد حدده في سنة 1975 عن عمر يناهز 90 سنة تاركا ورائه عدة مؤلفات من بينها نشره كتاب الطب لابن سينا، دراسة فلكية لحركة الشمس، وكتاب الرموز في الطب· وأكد المحاضر في خلاصة بحثه ان بن حمادوش ترك هذه المؤلفات رغم أنه كان يعيش في مجتمع لم تكن له قابلية للتطوّر، إضافة الى الظروف التي أحاطت القرن الثامن عشر والأوبئة التي ضربت المجتمع بشتى الأمراض·