رفضت السلطة الفلسطينية بشدة أمس حزمة الإجراءات الاقتصادية التي تقدمت بها حكومة الاحتلال بدعوى تحسين مستوى معيشة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.واعتبرت السلطة الفلسطينية هذه الإجراءات بمثابة التفاف على جوهر المشكل القائم في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والمتعلق باستمرار البناء الاستيطاني في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية التي من المفروض أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة. وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين إن ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بشأن تقديم تسهيلات ''لا يعدو أن يكون مجرد ألاعيب تهدف للتغطية على استمرار البناء الاستيطاني غير القانوني''. ونفى عريقات أن تكون هذه الإجراءات تهدف لبناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وقال ''في الواقع أن هذه الإجراءات تدمر الثقة لأنها تحيد عن الهدف الأساسي وهو وقف الاستيطان وقرارات فرض الأمر الواقع''. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على تبني سلسلة من الإجراءات الاقتصادية لصالح الفلسطينيين من بينها إحياء المناقشات حول حقل غاز بحري قبالة قطاع غزة ومحطات معالجة صرف صحي ومحطات تنقية و20 مشروع سكني في القطاع بينما تشمل الضفة الغربية توسيع صلاحيات السلطة الفلسطينية في 7 قرى وتسريع بناء أو إعادة بناء المدارس والعيادات الصحية وتحويل إقامة 5 آلاف شخص من غزة إلى الضفة. وتشمل الإجراءات في القدس تسهيل تنفيذ فقط مشروعي إسكان في المدينةالمحتلة. والمؤكد أن نتانياهو ما كان ليتخذ مثل هذه الإجراءات لو لم يتعرض إلى ضغط دولي في محاولة لإعطاء نفس جديد إلى عملية السلام التي قضت عليها إسرائيل بموقفها المتصلب الرافض لسماع أي صوت غير صوتها. ويتأكد ذلك علما أن الإعلان على هذه الإجراءات جاء بعد اجتماع تم بين نتانياهو وطوني بلير المبعوث الخاص للجنة الرباعية حول الشرق الأوسط التي تضم إلى جانب الولاياتالمتحدة كل من روسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. غير أن السلطة الفلسطينية أكدت أن المطلوب فلسطينيا هو وقف الاستيطان فورا في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية واعتراف إسرائيل بمرجعيات عملية السلام وأولها الاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 وليس مجرد تسهيلات. وفي هذا السياق جدد صائب عريقات دعوة اللجنة الرباعية الدولية التي اجتمع أعضاؤها أمس بمدينة ميونخ الألمانية إلى ''تغيير منهجيتها عبر الابتعاد عن بيانات ما هو ممكن وتبني بيانات ما هو مطلوب بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وتأكيد عدم شرعية البناء الاستيطاني''. ولكن هل ستجد دعوة المسؤول الفلسطيني أذانا صاغية لدى اللجنة الرباعية التي اعتادت على عقد مثل هذه الاجتماعات الروتينية من دون أن تترجم بياناتها المكتوبة إلى أفعال على ارض الواقع ؟ ثم هل يمكن الاعتماد على هذه اللجنة لإنصاف الفلسطينيين أو على الأقل لحمل إسرائيل على تجميد أنشطتها الاستيطانية لإعطاء فرصة أمام استئناف مفاوضات السلام وهي التي بقي دورها جامدا طيلة السنوات الماضية.