خصصت مجلة الثقافة عددها الأخير لملف ''تلمسان: عاصمة الثقافة الإسلامية''، حيث ستنطلق احتفاليتها في غضون الأسبوع المقبل لتستعرض تاريخا من الحضارة والفنون والإبداع. تضمن الملف مواضيع عدة ك''العلاقات الثقافية بين تلمسان ومراكز الفكر في المغرب الإسلامي'' و''الصناعة والتجارة في تلمسان القديمة'' و''محمد ديب وثلاثية الجزائر''. أما فيما تعلق بالدراسات فتم تقديم دراسة عن ''البحث عما بعد الحداثة''، وهي مقاربة أولية لمساهمة علاقات الاستعمار وما بعد الاستعمار في تشكيل فكر مابعد الحداثة في فرنسا. في باب الأدب واللغة قدمت العديد من الدراسات الأكاديمية القيمة، منها ''شخصية المثقف في الرواية العربية المعاصرة، اقتراب من رؤية محمد الباردي'' و''الحضور التراثي في الرواية التونسية: رواية »المستنقع« و''ألف ليلة وليلة'' وكذا ''بنية المكان في الحكاية القبائلية الخرافية، دراسة سينمائية، حكاية ''البنت ذات القدرات الثلاث'' نموذجا''، قدمت أيضا دراسة عن ''أدب الأطفال بين الكاتب والمتلقي والنص''. للإشارة بقيت تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية الملف المحور في العدد فقد اشتملت على العديد من الدراسات والمقالات خاصة في الجانب التاريخي وهنا قدمت حوالي 15 دراسة منها دراسة عن ''تلمسان الزيانية'' وموجز تاريخ المغرب الإسلامي و''الحياة الفكرية في المغرب الأوسط'' و''الصناعة والتجارة في تلمسان القديمة''، و''الأمازيغ'' وغيرها من الدراسات. لا يمكن الحديث عن تاريخ تلمسان الإسلامي دون الوقوف عند سيرة وليها الصالح سيدي بومدين الذي خصصت له دراسة قيمة قدمت جوانب مهمة من تراثه العلمي والصوفي والجهادي ونتيجة شهرته في مشارق العالم الإسلامي ومغاربه ارتبط اسم تلمسان باسم سيدي بومدين، كما أشارت هذه الدراسة إلى الوقف الذي تركه الشيخ الزاهر في بلاد فلسطين خاصة بحي المغاربة بالقدس الشريف، تصفه كتب التراث ''بأنه شيخ مشايخ الإسلام وإمام العباد والزهاد'' كان له الفضل في نشر الإسلام بإفريقيا السوداء، كما كان له أتباع في كل بلاد العرب من مصر والشام وغيرهما. تضمن الكتاب عدة تراجم منها ترجمة أبي العباس المقري من كتاب ''باقة السوسان في التعريف بحضارة تلمسان'' وهو دراسة موسعة شاملة عن مدينة تلمسان جغرافيا وتاريخيا ومعماريا واجتماعيا وثقافيا وعلميا مصحوبة بخرائط ورسوم وصور. توقف العدد أيضا عند أسماء العلماء والفقهاء وحتى رجال السياسة خلال العصور الذهبية لتلمسان خاصة في الدولة الزيانية والمرينية منهم مثلا الفقيه أبو اسحاق ابراهيم بن يخلف التنسي، وأبو عبد الله محمد النجار، وأبو علي منصور بن علي بن عبد الله الزواوي، وأبو اسحاق التلمساني، وأبو عبد الله المقري وغيرهم كثير (18 شخصية تاريخية)، علما أن العدد توقف عند مآثرهم ومناظراتهم العلمية وتأثيرهم في حياة دول المغرب العربي. إلى جانب الشخصيات خصصت مساحة للتعريف بالآثار المرينية في تلمسان ودورها في توطيد العلاقات الثقافية ومن بين ماتم رصده آثار مسجد المنصورة ومسجد سيدي الحلوي وكذا آثار المدارس كمدرسة أبي مدين بالعباد ومدرسة سيدي الحلوي وغيرها. تلمسان ليست فقط المدينة القديمة بل هي أيضا تراث متناثر في كل أطرافها منها مدينة ''ندرومة'' المعروفة بإسهاماتها الفكرية، علما أن تراث هذه المدينة العريقة وعلى الرغم من ثرائه يبقى غائبا إلى حد كبير نتيجة قلة المصادر والوثائق التاريخية اللهم ذلك القليل الموجود في كتب المؤرخين والمحدثين الذين تجاوزت كتبهم 800 عام. خصصت وقفة العدد للأديب الشهير ابن تلمسان محمد ديب الذي انتشرت إبداعاته في كل العالم والتي استمد كثيرها من حياته بتلمسان خاصة في ثلاثيته.