ضمن برنامجها السينمائي، يقترح الديوان الوطني للثقافة والإعلام بقاعة ''الموقار'' فيلم ''شبكة التواصل الاجتماعي'' للمخرج ديفيد فينشر، والذي حصد مؤخّرا ثلاث جوائز أوسكار هي أفضل موسيقى تصويرية وأفضل مونتاج وأفضل معالجة سيناريو، ويأتي عرض هذا الفيلم بعد فيلم ''سالت'' الذي أدّت دور البطولة فيه الممثلة أنجلينا جولي. الفيلم يتناول قصة تأسيس مارك زوكربرغ الطالب في جامعة هارفارد لموقع التواصل الاجتماعي ''فايسبوك'' في خريف 2003 ليتحوّل إلى شبكة تواصل اجتماعي عالمية يعد المشتركون فيها بالملايين، وهو من إخراج ديفيد فينشر وبطولة جيسي أيزنبرج، أندرو جارفيلد والمغني الشهير جاستن تيمبرليك. الفيلم يطرح سؤالين أساسيين، هما هل سرق مارك زوكربرغ فكرةَ ''الفايسبوك'' من زملائه في جامعة هارفارد لمجرد أنه حاول أن ينتقم من حبيبته السابقة، أو على الأقل يُشعرها بأنه مميز وليس نكرة؟، وهل ابتكر أشهر موقع اجتماعي لمجرد أن يضيف حبيبته السابقة إلى قائمة أصدقائه؟ ولقد انحاز أصحاب السيناريو إلى احتمال أنّ مارك قد سرق بالفعل فكرة ''الفايسبوك''، وأنه لولا ذلك ما اضطر إلى دفع تعويض للأخوين ونكلفوس اللذين ادعيا أنهما أصحاب الفكرة. ويتطرّق ''شكبة التواصل الاجتماعي'' إلى طبيعة شخصية مارك، الشاب دون العشرين الذي يدرس علوم الكومبيوتر في جامعة هارفارد، ويتحدّث 500 كلمة في الدقيقة، ويعمل عقله بذكاء وسرعة أكثر من أي شخص عادي، لكن الفيلم يظهره كأنّه أحمق، وتقتنع إريكا بأنّ مارك لا يستحق أن يكون الشاب الذي ترتبط به، وتقرّر تركه، فيذهب إلى غرفته، ويقوم بشتمها على مدوّنته، وهنا يبتكر موقع تسلية على شبكة جامعة هارفارد. وفي اليوم التالي لابتكار الموقع يكون قد دخله 22 ألف شخص، مما يلف نظر طالبين استثنائيين بالجامعة هما الأخوين ونكلفوس، المتفوّقين علميا ورياضيا، وهنا يتوقّف الفيلم عند جزء جديد من شخصية مارك، وهو الحقد الطبقي الدفين في داخله، فهارفارد هي أعرق جامعة أمريكية، وتضم عددا من النوادي الاجتماعية التي من الصعب على طالب نكرة مثله أن ينضم لها. أحداث الفيلم تدور من خلال ''فلاش باك'' متوازٍ عبر حدثين؛ أوّلهما القضية التي رفعها الأخوان ونكلفوس على مارك بحجة سرقة حقوق الملكية الفكرية للفايسبوك، والثانية التي رفعها إدواردو سفارين زميل مارك وشريكه ومموله للحصول على نسبته من الشركة، وهذا الفلاش باك منح المخرج حرية الحركة داخل وخارج الحكاية دون الإخلال بالتطوّر الزمني للأحداث، أي منذ تعرف مارك على فكرة الشبكة الاجتماعية وحتى أطلقها واستطاع أن يحصد مليون مشترك في عام واحد. ينتهي الفيلم بما يدعم هذا الطرح؛ وهو جلوس مارك أمام ''بروفيل'' إريكا على ''الفيس بوك'' وطلب إضافتها إلى قائمة أصدقائه، فرغم أنه حقق 25 مليار دولار ربحا من وراء ''الفيسبوك''، ودفع 65 مليون دولار كتعويض لأصحاب الفكرة الأصليين؛ إلا أن المكسب الحقيقي من وراء كل هذا هو أن تضيفه الفتاة الوحيدة التي أحبها، وكأن العالم قد خلق من أجل فتاة. ويطرح الفيلم أيضا قضية اجتماعية وأخلاقية حيث يناقش الكثير من أفكار المجتمعات الحديثة؛ فرغم التطوّر المعنوي والتكنولوجي لا يزال البشر يتمحورون حول شيئين ''الجنس والمال''، وكلاهما حاضر بقوة في الفيلم، فأغلب نقاشات مارك وأصدقائه تتركز حول أنّ الهم الأساسي لأي شبكة اجتماعية انطلقت على الإنترنت هو أن يتعرف الشبان على الفتيات، ويمارسون معهن الجنس؛ وهو السبب الرئيسي وراء انتشار شبكة ''الفايسبوك'' في العالم قبل أن تصبح لها قيمة مادية، ويعترف الجميع بهذه الحقيقة. إن أهمية الفيلم لا تتركز فقط حول أسرار انطلاق ''الفيس بوك'' ولكن لأنه يحلل نفسية شباب العالم في الوقت الراهن، من خلال التركيز على مجموعة من أخطر وأهم العقول الشابة في العالم، والذين قادوا ثورة اجتماعية تكاد توازي ثورة الطلبة عام ,68 وهم جالسون في غرفهم أمام شاشات صغيرة، وقد تحوّلوا من لحم ودم إلى رموز وشيفرات. وللإشارة فإنّ فيلم ''شبكة التواصل الاجتماعي'' سيعرض بقاعة ''الموقار'' اليوم السبت عند الثانية زوالا، ويوم الإثنين القادم كمايلي: الثانية زوالا، الخامسة مساء والثامنة مساء، أمّا يوم الاثنين القادم الموافق للرابع عشر مارس الجاري فيعرض عند الثانية زوالا.