أوضح الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، السيد عبد الحميد مهري، أن الهدف من الرسالة المفتوحة التي بعث بها مؤخرا إلى السيد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، كان التأكيد على حاجة البلاد الماسة لتغيير نظام الحكم، لتتمكن من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، التي تنتظرها، انطلاقا من تقييم نقدي وموضوعي لمسيرة البلاد منذ الاستقلال. وأبرز مهري في ندوة صحفية عقدها، أمس، بمقر حزب جبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس) مقاربته المنهجية في طرح هذه القضية طرحا سلميا، مشيرا في هذا الصدد، إلى بعض المنطلقات الأساسية التي تساعد على ذلك. وأكد في هذا الإطار على أن المطالبة بالتغيير ليست تهمة موجهة ضد شخص أو حزب أو مؤسسة أو جيل بعينه، ولا معارضة تقليدية لمن يتولون مسؤوليات الحكم، ولا تعني أيضا تصفية حسابات شخصية مع أي كان. ومن المنطلقات الأساسية في منهجية طرح مبادرة، من وجهة نظر السيد مهري، أن تغيير نظام الحكم هو اليوم، قضية وطنية كبرى، يجب أن تعالج، بمنتهى الصراحة والشفافية، وهي بحاجة لطرح موضوعي شامل ومعمق، بعيدا عن المزايدات اللفظية وبعيدا أيضا عن المجاملة أو المسايرة. أما المنطلق الأساسي الثالث والمتعلق -حسب مهري- بكون الرسالة موجهة لرئيس الجمهورية مراعاة لما يقتضيه المنصب من احترام، غير أن تغيير نظام الحكم الذي يستجيب، بالطرق السلمية، لرغبات الشعب الحقيقية، لن يكون على ما أعتقد -يوضح مهري- إلا نتيجة جهود تشترك فيها كل القوى السياسية والكفاءات الشعبية. وعن صدى الرسالة، نفى مهري لحد الآن أن توجد علامات حول مضمونها بشكل عام. وضمن هذه المنهجية، أجاب الأستاذ مهري على أسئلة الصحافيين فأوضح بأن الشعور بضرورة التغيير أمر عام، وهو موجود مثلما قال لدى السلطة القائمة لكن الاختلاف يكمن في تعدد الرؤية، لتغيير النظام حتى داخل الأحزاب، ولذلك فالشيء الذي يجب تجنبه هو الاختفاء وراء أحادية الرؤية في التغيير، قصد إتاحة الفرصة لنقاش وطني حول المطالب التي يرمي إليها الشعب. وعن السبيل إلى التغيير الحقيقي المنشود، قال السيد مهري: ''إننا نراهن على حراك عام'' وأن التغيير مسألة الجميع، سلطة، طبقة سياسية وشعب لأن الأمر لا يتعلق بتبديل أشخاص وإعلان سياسات بقدر ما ينصب حول تغيير السلوك والذهنيات. ونظام الحكم المنشود حسب السيد مهري، لن يكون إلا ديمقراطيا يقوم على الحرية، الحق في الاختلاف واحترام الرأي والرأي الآخر، يعبر عنه في دستور منبثق عن إرادة الشعب وسيادته.وسئل مهري عن الثورات الشعبية التي تعرفها بعض الدول العربية فأجاب، أن الاحتقان وانعدام أنظمة ديمقراطية، مجال خصب لمثل هذه الثورات، قبل الحديث عن الأجندات الأجنبية، مع تأكيد مهري هنا، على رفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لهذه الدول، وقال بشأن الوضع في ليبيا، إن استعمال القوة من طرف الجيش الليبي ضد شعبه (الجماهير) أمر مرفوض وغير مقبول، وكان أجدر بالجامعة العربية أن ترفض التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي الليبي مقابل المبادرة بحل على شاكلة اقتراح إجراء استفتاء شعبي حول نظام القذافي، وتتحاشى طلب التدخل الأجنبي بتطبيق حظر جوي قد لا يجدي نفعا الشعب الليبي ولا يقدم حلا له. وعن قضية الصحراء الغربية، أفاد مهري أن سبب تأخر حل النزاع راجع إلى انعدام الديمقراطية داخل المملكة المغربية، حيث لو كانت هناك ديمقراطية لتمت عملية إجراء الاستفتاء ولما عرقلت المملكة المغربية ذلك ولما خافت من تقرير مصير الشعب الصحراوي.