تواصلت أمس معارك ضارية بين القوات الموالية لنظام العقيد الليبي معمر القذافي والثوار المناهضين له بالقرب من مدينة أجدابيا الواقعة شرق ليبيا مما تسبب في موجة نزوح كبيرة للسكان الذين فروا من جحيم هذه المعارك.وأكد شهود عيان أن قوات القذافي شنت قصفا مكثفا باتجاه أجدابيا التي تبعد 160 كلم جنوب مدينة بنغازي معقل الثوار مخلفة دمارا كبيرا، حيث احترقت العديد من المنازل وذلك في محاولة لاستعادتها تمهيدا لشن هجمات على بنغازي. وتأتي هذه المعارك في الوقت الذي واصل فيه طيران قوات التحالف الدولي أمس ولليوم الخامس على التوالي قصفه لعديد المواقع والآليات العسكرية التابعة للقوات الموالية للعقيد الليبي معمر القذافي في ظل تصاعد الانتقادات المحذرة من انحراف العملية العسكرية في ليبيا عن هدفها الأساسي في حماية المدنيين. ونفذت طائرات التحالف 97 خرجة خلال 24 ساعة الماضية، حيث قصفت دبابات وبطريات مضادة للطائرات ولم تتعرض إلى أي رد صاروخي طيلة هذه الفترة. وقال الرائد بفرلي موك المتحدث باسم قوات التحالف ان ''القصف الجوي متواصل حيث يتم استهداف مراكز القيادة وأنظمة الدفاع المضادة للطيران والدبابات''. ومنذ بدء العملية العسكرية السبت الماضي أطلقت البوارج البحرية والغواصات الأمريكية والبريطانية المتواجدة في البحر الأبيض المتوسط 162 قذيفة صاروخية منها 112 قذيفة أطلقت خلال اليوم الأول من العملية. وهو ما تسبب في سقوط ضحايا من بينهم عشرات المدنيين مما أثار مخاوف وانتقادات حادة من خطر خروج هذه الضربات العسكرية عن هدفها في حماية المدنيين لتساهم في سقوط المزيد من الضحايا. فقد ارتفعت عديد الأصوات المحذرة من تكرار السيناريو العراقي وإخفاقه في تحقيق أهدافه وطالبت بترجيح الخيار السلمي الذي يدعو إلى الحوار كأنجع وسيلة لتفادي أي انزلاق محتمل. وفي هذا السياق طالبت الهند قوات التحالف الغربي بوقف القصف الجوي ضد ليبيا لمنع وقوع ضحايا مدنيين واقترحت ضرورة إجراء التفاوض بهدف إيجاد حل للأزمة الليبية. ودعت الدول الغربية إلى عدم التدخل في شؤون ليبيا الداخلية مشددة على أن ''ما يجرى فى ليبيا هو شأن داخلي''. وحث الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين احسان أوغلي جميع الأطراف المعنية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب استهداف المدنيين والمناطق السكنية والحفاظ على مقدرات ومكتسبات الشعب الليبي. وطالب المجتمع الدولي بضرورة الالتزام التام بالحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي والوحدة الوطنية للشعب الليبي وسيادته على أرضه وضمان سلامة أمن المواطنين الليبيين. وكان الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف أعرب عن قلقه من استخدام القوة ''بشكل عشوائى'' من جانب قوات التحالف في ليبيا. كما أعربت الصين عن قلقها بشأن تقارير تفيد أن الضربة العسكرية التي تقوم بها قوات التحالف الغربي ضد ليبيا تسببت في سقوط ضحايا مدنيين داعية إلى وقوف إطلاق النار ''فورا''. من جانبه أكد الخبير الاستراتيجي الروسي ليونيد إيفاشوف أن الأوضاع في ليبيا تنذر بتكرار السيناريو العراقي الذي كلف الولاياتالمتحدة 700 مليار دولار خلال الأعوام السبعة الماضية ناهيك عن خمسة آلاف قتيل في صفوف قواتها. وقال الخبير أن فرض حظر على الطيران فى الأجواء الليبية لمدة ستة أشهر يكلف دول التحالف حوالي تسعة مليارات دولار. وهو موقف ذهب إليه النائب عن الحزب الديمقراطي الأمريكي دنيس كوسينيت الذي قال أن التدخل العسكري للتحالف الدولي في ليبيا يشكل ''حربا جديدة لا تستطيع الولاياتالمتحدة تمويلها''. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد صرح انه يتوقع أن تتضح هيكلية قيادة العمليات العسكرية للتحالف الدولي في ليبيا خلال أيام. غير أن إيطاليا وصفت الاتفاق بين واشنطن ولندن وباريس لمنح دور أساسي لحلف شمال الأطلسي في العمليات العسكرية ضد ليبيا ب''الخطوة الكبيرة نحو الأمام'' لكنها ''غير كافية''. وقال وزير دفاعها ايناسيو لا روسا أن ''الحديث عن الدور الهام لحلف شمال الأطلسي ربما غير كاف'' في تلميح لموقف باريس غير الواضح بشأن هذه المسألة، مضيفا ان القرار ''كان قريبا مما طلبناه''. وكانت روما التي وفرت للحلفاء قواعدها العسكرية الواقعة في جنوب ايطاليا قد هددت بالعدول عن هذا القرار إذا لم يتم منح قيادة العمليات العسكرية في ليبيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي. وتقود قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا تشن منذ السبت الماضي عملية عسكرية لفرض حظر جوي على ليبيا تسببت في سقوط عشرات القتلى من المدنيين. وأكد الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بان كي مون أن الهيئة الأممية تحركت بخصوص الأوضاع في ليبيا من أجل الدفاع عن الحقوق الإنسانية للمدنيين الذين يواجهون الأخطار.