تمكنت المعارضة المسلحة في ليبيا من قلب موازين القوى لصالحها مستغلة في ذلك الغطاء الجوي الذي وفرته لها طائرات التحالف الدولي منذ أسبوع والتي واصلت قصفها للمواقع والأهداف التابعة للقوات الموالية للعقيد معمر القذافي مما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا.وخلف قصف التحالف الدولي لعدد من المدن الليبية مقتل 114 شخصا وإصابة 445 آخرين بجروح خلال أربعة أيام. يأتي ذلك في وقت انتقلت فيه قوات المعارضة من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، حيث تمكنت ليلة الجمعة إلى السبت من إعادة فرض سيطرتها على مدينة اجدابيا التي كانت قوات القذافي قد اجتاحتها قبل فرض منطقة الحظر الجوي الأسبوع الماضي. ووجدت قوات العقيد القذافي نفسها مضطرة للانسحاب بعدما تعرضت لسلسلة غارات جوية شنتها قوات التحالف الدولي على شرق وغرب المدينة مما أدى إلى تدمير دبابات ومدرعات تابعة لقوات القذافي وهي التي كانت تستعد للهجوم على مدينة بنغازي آخر معاقل الثوار في المنطقة الشرقية. وأكد شمس الدين عبد الموله متحدث باسم المعارضة المسلحة أن القوات الموالية للعقيد الليبي أصبحت الآن في حالة دفاعية ويطاردها الثوار انطلاقا من مدينة اجدابيا. وقال ''اجدابيا هي الآن 100 بالمئة تحت سيطرت قواتنا ونطارد قوات القذافي على طول طريق البريقة الواقعة 75 كلم من الغرب''. بمقابل ذلك هزت ثلاثة انفجارات منطقة تاجوراء واشتعلت النيران في موقع عسكري في هذه الضاحية الواقعة شرق العاصمة طرابلس، كما تعرضت مدينة زليطن على بعد 160 كلم شرق طرابلس مساء أول أمس ومنطقة الوطية الغربية لغارات التحالف الدولي. وبينما أعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية أنها أطلقت 16 قذيفة صاروخية من نوع ''توماهوك'' ضد أهداف ليبية حلال ال24 ساعة الماضية نفذت طائرات التحالف الدولي 153 خرجة 67 منها نفذتها الطائرات الأمريكية و86 خرجة نفذتها طائرات الدول المشاركة في العملية العسكرية التي أطلق عليها اسم ''فجر الاوديسا'' وهي كل من بريطانية وفرنسا وكندا وايطاليا واسبانيا وبلجيكا والدنمارك وقطر. وتأتي هذه التطورات الميدانية في الوقت الذي اعتبر فيه الرئيس الأمريكي باراك اوباما أن المهمة الدولية في ليبيا ''واضحة، محددة وفي صدد النجاح''. وقال أن أي أمريكي يمكن أن يفتخر بإنقاذ حياة أشخاص. وأضاف ''نحن لم نخطأ لأننا تحركنا سريعا، فقد تم تفادي كارثة إنسانية وإنقاذ حياة رجال ونساء وأطفال أبرياء''. غير أن روسيا التي كانت ضد العملية العسكرية في بدايتها اعتبرت أن أي تدخل عسكري أجنبي بري في ليبيا يعد احتلالا لهذا البلد. وقال ديمتري روغوزين السفير الروسي لدى منظمة الحلف الأطلسي أن ''شن عملية عسكرية برية سيكون بمثابة احتلال لليبيا وهذا يتناقض مباشرة مع مضمون اللائحة الأممية التي تبناها مجلس الأمن الدولي'' والمتعلقة بفرض منطقة الحظر على الأجواء الليبية. وجدد السفير الروسي موقف بلاده بضرورة أن تتم العمليات العسكرية في إطار الاحترام التام للهدف الذي سطرته اللائحة في حماية المدنيين. ومن المقرر أن يتم تقييم العملية العسكرية التي تشنها قوات التحالف الدولي في ليبيا بعد غد الثلاثاء خلال قمة لندن الذي يحضرها وزراء خارجية الدول المشاركة في تطبيق قرار الحظر الجوي. وهي القمة أيضا التي من المقرر أن تطرح خلالها كل من فرنسا وبريطانيا حلا سياسيا مشتركا لتسوية الأزمة المتفاقمة في ليبيا بقناعة أن الحل العسكري لوحده غير كاف الاحتواء الوضع المتأزم. وكان الاتحاد الإفريقي في اجتماع لجنته الرفيعة المستوى حول الأزمة الليبية أول أمس بالعاصمة اديسا بابا قد جدد إرادته في القيام بمهمته بصفة تامة بما في ذلك الزيارة المبرمجة لليبيا للقاء الأطراف الليبية على أعلى مستوى. وأعربت لجنة الاتحاد الإفريقي عن دعم المشاركين ل''اتخاذ كافة التدابير اللازمة لهذا الغرض''. وشهد الاجتماع مشاركة ''هامة'' لشركاء الاتحاد الإفريقي خاصة منظمة الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأوروبي والبلدان الأعضاء في مجلس الأمن الدولي. ودعا الاتحاد الإفريقي إلى الوقف الفوري للاقتتال وتعاون السلطات الليبية المعنية من اجل تسهيل الإيصال السريع للمساعدات الإنسانية للسكان وحماية الرعايا الأجانب بما في ذلك العمال المغتربين والأفارقة القاطنين بليبيا.