استضاف المقهى الأدبي باتحاد الكتاب الجزائريين الروائي لحبيب السايح بمناسبة صدور روايته الجديدة »زهوة« الأسبوع الفارط عن دار الحكمة التي خصصت له هذا اللقاء مع المثقفين والصحفيين بمناسبة مولوده الجديد. بعد كلمة الترحيب وتقريب النص الروائي الجديد والتعريف به تناول الكلمة الأديب لحبيب السايح الذي رأى في هذا اللقاء أنه تبادل الفرح والزهو رغم كل الظروف التي نعيشها ولهذا يضيف الروائي قد يتساءل البعض لماذا عنوان الرواية »زهوة« وكيف يظهر عنوان بهذه الدلالة في ظروف وطنية وجهوية مؤثرة، هذه الكلمة يقول -لحبيب السايح- »زهوة« وجدت لأنها صلاة الروح في محراب الكلمات، اعطت الكلمات كل الفرح وكل البهجة وكل الزهو. وعن سؤال وجهه الكاتب محمد ساري هل أسماء شخصيات الرواية لها دلالات معينة، فيرد عليه لحبيب السايح بالقول: »النص بدأته في أدرار، لي مع أدرار علاقة تتجاوز المكان لما هو روحي وفي النص اشارات كثيرة الى أدرار في الجانب الروحي، بينما مدينة سعيدة كانت مسرح طفولتي ووهران سكنتها مع الوالدة، أدرار هي التي حضنتني لكل ما للحضن من دلالة، فيها وجدت الأمن والحركة، فيها اكتشفت الله، كل شيء في أدرار يجعلك تشعر أنك جزيء سابح في هذا الكون في أدرار يضيف الروائي -لحبيب السايح- تعلمت الصبر والقدرة على الكتابة بالصبر. أما فيما يخص أسماء الشخوص فيؤكد السايح أنها مرتبطة بكل ما يتحرك في ذاكرتنا كجزائريين أمهات وأباء وهذا قصدته في النص لأنه يدور في بيئة تتحمم فيها هذه الأسماء التي تحمل مجموعة من القيم والأفكار والقناعات التي أتقاسمها مع الجزائريين وفي بيئات ما يزال فيها الجزائري أكثر ارتباطا بأصوله. أما عن توظيفه للتاريخ في أعماله الروائية وبصفة خاصة العنف، فقد أكد أن المراحل التاريخية لاتخلو من العنف. حرب التحرير، فترة الإستقلال، مشكلات تم طرحها لكنها لم تلق كامل الأضواء خصوصا الاختلافات التي وصلت الى حد التصفية. ويضيف السايح في كلامه عن الجانب التاريخي في العمل الروائي أنه من المرتكزات الأساسية ومن جانب توظيفه للغة فإنه يشتغل على جانب استعارات جديدة للنص والجانب المجازي كما أنه يوظف في قاموسه اللغوي كلمات ذات الاستعمال الجزائري التي نعتقد أنها غير عربية وهي عربية قحة. رواية زهوة يقول لحبيب أنها لم تتطرق لما يجري لأنه جديد، ولأنه لا يريد السقوط في الكتابة الاستعجالية. كما أثير موضوع الرقابة من خلال النقاش حيث اكد الروائي لحبيب السايح أنه يمارس الرقابة الذاتية وذلك احتراما للناشر- كما أنه يضيف - يتحايل على الرقابة الذاتية خصوصا أن الأنظمة العربية لها رقابة قبل صدور العمل الروائي بينما نحن الرقابة تمارس بعد صدور العمل وهذا ما يجعلني أقوم برقابة ذاتية لكنها رقابة لاتمس بروح النص، بأدبيته، بقناعاتي ويضيف الكاتب بخصوص الرقابة القول: كلنا نمارس رقابة ذاتية لأن هناك مؤسسات خارج المؤسسات الرسمية قادرة على احداث مشكلات لمؤسسات الدولة نفسها خصوصا نحن الذين نكتب بالعربية لأنها - العربية- لغة مقدسة عكس اللغة الفرنسية التي هي لغة مدنسة لكن بفضل المجاز والاستعارات أستطيع تجاوز المطبات. أما فيما يخص المقارنة بين النص الذي يكتب بالعربية والذي يكتب بالفرنسية فيرى لحبيب السايح ان النص الذي يكتب بالفرنسية أكثر جرأة من ذلك الذي يكتب بالعربية، لأن الفرنسية انفصلت عن المقدس وتحررت من القيد اللاهوتي وهذا ما يجعلها اكثر قدرة على التعبير، نحن نعمل على تحرير اللغة من المحظور والممنوع والمحرم لكن بمنظور اللغة العربية، نحن نضيف حجرا آخر على احجار وطار وبن هدوقة ليأتي جيل ما بعدنا ليجد بناء ويضيف له الجديد. أما عن قضية فلسفة اللغة الروائية أو منطقتها فيرى لحبيب السايح أن القدامى قد سبقونا الى هذا، لكن الذي أريد الوصول إليه هو تبليغ الرسالة للقارئ لأن اللغة التي تعلمتها في المدرسة والجامعة هي لغة قد لا تجد لها توافقا مع اللغة التي نقرأها الآن، ولهذا اشتغل على انشاء نص جديد مختلف بقدر ما هو مرتبط بالواقع بجذور أكثر من ألف سنة بالقرآن، بالحديث، بالأصول، بالفلاسفة بألف ليلة وليلة والمقامات. قيل لي أن لغتك قرآنية، قلت نيتش لغته انجيلية، كتب أنا جيل بنظرة فلسفية، أنا أنتمي الى منطقة عربية اسلامية ولهذا أنا أكتب بهذه الذاكرة. أما عن الكتاب الذين أثروا فيه ويعود إليهم فيقول الروائي لحبيب السايح ليس له كاتب يعود إليه إلا المتنبي عندما تضيق عليه سبل الكتابة، أو يعود الى الأغاني، والى المسعودي في مروجه والطبري. وفي آخر اللقاء قرأ الروائي على الحضور مقطعا قصيرا من روايته.