بدأت الولاياتالمتحدةالأمريكية تستشعر خطورة الزحف الاقتصادي الصيني على إفريقيا إلى درجة جعلت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تصف ذلك ب''الاستعمار الجديد'' غير المقبول. ولم تخف الوزيرة الأمريكية التي تقوم بجولة إلى دول جنوب القارة امتعاضها من طريقة الاقتحام الاقتصادي والاستثماري الذي تقوم به الصين منذ سنوات في القارة وقالت إن واشنطن لا تريد رؤية استعمار جديد لإفريقيا. والإشارة واضحة إلى حجم الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها الصين في مختلف دول القارة ضمن استراتيجية جديدة تعتمد على الاستثمارات المباشرة والمساعدات الاقتصادية ومسح الديون والتكوين وغيرها من الامتيازات التي تمنحها بكين لكل دولة افريقية تقبل التعاون معها. ولكن واشنطن حسب تصريحات كلينتون تعتبر تلك الاستثمارات بغير المشروعة كونها تفتقد إلى الشفافية المطلوبة التي تقرها المعايير الدولية المتعارف عليها في إبرام الصفقات والتلميح واضح هنا باتهام صريح باتجاه الصين بالتعامل بالرشوة للفوز بمشاريع استثمارية في دول القارة. وقالت كلينتون بالعاصمة الزامبية لوساكا أمس إن الولاياتالمتحدة تستثمر في الشعوب وليس في نخبها. وضمن هذه المقاربة فإن وزيرة الخارجية الأمريكية لم تخف مخاوفها من ''الممارسات التجارية الصينية وكذا من سياسة المساعدات التي ينتهجها العملاق الاقتصادي الآسيوي والذي تحول خلال عقد من الزمن إلى عملاق عالمي. وبررت هيلاري كلينتون ذلك كون الصين لا تحترم في كل الحالات معايير الشفافية والحكم الراشد المتعارف عليها والمقبولة عالميا. وعندما نعرف أن حجم المبادلات التجارية بين الصين والدول الإفريقية ارتفع بنسبة 40 بالمئة العام الماضي بينما لم تبلغ المبادلات التجارية الامريكية مع دول القارة سوى 18 بالمئة ندرك جيدا سبب المخاوف التي أبدتها كلينتون وراحت تكيل للصين شتى أنواع التهم بسببها. ويتأكد من عام لآخر أن الصين تريد الاستفادة من أخطاء الآخرين واستغلالها بالكيفية التي تخدم مصالحها ومكّنها ذلك من التسلل دون ضجة إلى القارة الإفريقية التي كانت والى وقت قريب حكرا على دول استعمارية تقليدية مثل فرنسا وبريطانيا والبرتغال التي تراجع تأثيرها الاقتصادي وأصبحت في ذيل قائمة المنافسين. يذكر أن الوزيرة الأمريكية شاركت بالمناسبة في أشغال ندوة ''اغوا'' الكلمة المختصرة لمعاهدة ''قوانين النمو والإمكانيات الاقتصادية في إفريقيا''. وهو تشريع أمريكي يسمح ل37 دولة افريقية من تصدير منتجاتها دون رسوم جمركية إلى السوق الأمريكية منذ سنة 2000 والى غاية 2015 ولكن شريطة أن تحترم هذه الدول القواعد الأساسية للديمقراطية واقتصاد السوق. ويبدو أن الشروط الأمريكية وسياستها تجاه إفريقيا أفشلت كل تقارب مع الدول الإفريقية مما جعل المسؤولة الأمريكية تلقي باللائمة على المنافسة الصينية ''غير الشريفة''. وهو نعت يشير إلى القمم الاقتصادية التي ما انفكت تنظمها الصين مع قادة الدول الإفريقية في اكبر منتديات اقتصادية تبحث معهم سبل ترقية المبادلات التجارية وتعميق التعاون الاقتصادي وأيضا البحث عن استثمارات في مختلف المجالات المربحة في النفط والحديد والفوسفات وكل المواد الأولية المساعدة على مواصلة الآلة الاقتصادية الصينية حركيتها والتي جعلت منها عملاقا نائما ولكنه استفاق وأصبح يخيف. وتشهد دول القارة منذ سنوات تنافسا اقتصاديا محموما بين مختلف القوى الاقتصادية استأثرت الصين بحصة الأسد فيها مزحزحة القوى الاستعمارية التقليدية ومتقدمة على المنافسة الأمريكية والهندية التي تسعى هي الأخرى لاحتلال موطئ قدم في الأرض الإفريقية التي تبقى خزانا لا ينضب لمواد حيوية وضرورية لكل اقتصاد يطمح لان يبلغ القمة أو أن يحافظ على مكانته العالمية.