كانت مشاركة فنانتي الطرز من ايطاليا ماريا بونافيني وانجيلا ليبومي بالمهرجان الوطني لإبداعات المرأة في طبعته الثانية المخصصة للطرز، مميزة جدا بحيث قدمت العارضتان ما جادت به إبداع المرأة الايطالية في التطريز اليدوي الذي يسمى باللغة المحلية الايطالية ''ريكاماري''. وقدمت العارضتان على المباشر عرضا حول ''البارجللو'' او الطرز بغرز فلورنسا التي وجدت استحسانا كبيرا من طرف الزوار الذين استمتعوا أيضا بلطافة الضيفتين. يذكر الكتيب الذي أصدرته وزارة الثقافة بمناسبة مهرجان الإبداع النسوي أن الطرز الممارس في إيطاليا منذ العصور القديمة، قد تطور عبر الأزمنة بفضل المبادلات التجارية، وأكثر ما كان يظهر الطرز في البدلات النسوية، ثم استفادت سيسيليا من التأثيرات العربية والنوميدية وبعدها أصبحت قطبا للطرز، ما شكل منبعا آخر للإلهام في فن الطرز الايطالي هو جلب الصليبيين للملابس والحصائر من الشرق وتطور أكثر مع النهضة الايطالية وبروز فن الرسم بالإبرة. اليوم، ما يزال الطرز الايطالي تقليدا شعبيا يستعمل أيضا في الابتكارات الجديدة من خلال الإبداعات المستلهمة من التراث والمندرجة في إعادة التجديد والموضة، وهو تماما ميدان عمل فنانة الطرز ''انجيلا ليبومي'' من سيسيليا الايطالية التي كشفت في حديث لها مع ''المساء'' ان الطرز كحرفة جعلت منها انسانة تتحلى بالصبر الكبير والهدوء، كما منحتها حرية التصميم والإبداع المزواج بين الأصالة والمعاصرة وهو ما يتجلى في تصميماتها الأنيقة التي عرضتها عليها واتضح أنها تحمل لمسات الطرز الإبداعية بشكل جذاب للغاية. فالألبسة التي تصممها انجيلا كلها عصرية وتحمل إشكالا متناغمة على طوق الرقبة، أو على جوانب الفساتين والتنورات او حتى على القبعات الكلاسيكية لتضفي مزيدا من الأناقة. انجيلا وهي تحاول تعداد أسماء غرز الطرز أمسكت بين أناملها أداة صغيرة بيضاوية الشكل تسمى ''نفات''، وهي تشبه الى حد كبير تلك الأداة المستعملة في ترقيع شباك الصيد، وأدخلت في قلبها خيطا رفيعا وأدارته عدة مرات حول الأداة ثم أمسكت الخيط بين السبابة والإبهام والأوسط من يدها الأخرى وبسرعة المتمكنة من حرفتها شكلت وردة صغيرة ثم أخذت تسترسل في صنع أشكال أخرى بحركات خفيفة أدهشت النساء اللواتي التففن حولنا بجناح العارضة الايطالية. من الغرز التي عددتها ''انجيلا'' غرزة ''قريقو'' وغرزة ''قريقوردين'' وغرزة ''بانيتي'' وغرزة ''لزميرلي'' التي يمكن تطعيمها بغرز أخرى كثيرة حسب رغبة المطرزة التي أشارت إلى ان هذه الغرز تكون ''دنتيل البندقية'' المشهور جدا عبر العالم. وقالت انجيلا إنها تطرز الى جانب الألبسة الجاهزة عدة أشياء مثل السماطات والافرشة والمخدات والتي عرضت عينات منها بجناحها بقصر الرياس بالعاصمة، مما مكننا من لمس إبداعاتها والاعتراف بدقة الصنع حتى يخيل لك أنها مطرزة بالآلة والحقيقة عكس ذلك تماما.. من جهتها فتحت المطرزة ''ماريا بونافيني'' ورشة بجناحها بحيث جعلت الفتيات اللواتي وقفن أمام إبداعاتها يمسكن الخيط الصوفي وما يسمى ''الكروشيه'' (وهو قطعة حديدية محدبة الرأس) ويصنعن بعض الغرز ووقفت المطرزة عند كل فتاة لتريها كيفية التطريز اليدوي بحيوية ولطف كبيرين. ويقال انه خلال القرن السادس عشر، أدى التوسع العثماني في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط إلى نشر صناعة التطريز وتقاطع الثقافات بين العالم الشرقي والغربي، ولعل ذلك ما ظهر جليا خلال معرض الطرز، حيث يوحى إليك ان أشكال التزيين المستعملة على الأقمشة المخملية الإيطالية تذكرنا غالبا بالأعمال العثمانية الضاربة في أعماق التاريخ..