مطرب له وزن في الساحة الغنائية الجزائرية الشعبية، من تلامذة الكاردينال محمد العنقى، عرف بأدائه المميز وتفانيه في خدمة محبيه، كونه يرى أن حب الناس له نعمة يجب الحفاظ عليها، إنه مطرب الشعبي كمال بورديب الذي استضافته ''المساء'' وتحدثت إليه في أمور مختلفة على غرار واقع الفنان، وأيام الفن الجميل والتكافل الاجتماعي، وطموحاته الفنية بعد 42 سنة من العطاء، وأمور أخرى. المساء: 42 سنة، عمر مشوارك الفني، ما الذي أعطاه لك الفن؟ كمال بورديب: أنا من تلامذة العنقى رحمه الله، تعلمت من الفن الكثير وربما أكثر الأشياء الجوهرية هي التربية، فالفن أخلاق وتربية، تعلمتها وأنا بدوري أقدمها لمن يحب كمال، كما تعلمت أن الطريقة المثلى للوصول إلى قلب الجمهور هي الصفاء في المعاملة وتقديم أعمال مختلفة حسب السن والحضور، فصاحب العشرين من حقه أن يستمتع ويستمع للشعبي وهناك فيه ما يجذبه ويهمه، والكهل والشيخ أيضا يجدان في أعمالي ما يجذبهما، علاوة على كل هذا عرفت أن فن الشعبي شقيق الربيع والشباب، ففيه يزدان الوجود بالخضرة والجمال، والشعبي يسعد القلوب. - من هي الأسماء التي يغني لها الشيخ بورديب؟ * في الواقع معظم أعمالي الفنية من السجل التراثي لكبار الشيوخ على غرار سيدي لخضر بن خلوف، سيدي محمد بن مسايب، سيدي محمد بن سليمان، سيدي قدور بن اسماعيل، سيدي محمد النجار، عبد القادر دريس العاشوري، عبد العزيز المغراوي، قدور بالعالمي، كما غنيت لمؤلفين جزائريين وهما زروق دوفالي، والحاج بن دينا رحمهم الله، ومن بين الأعمال التي قدمتها لهم ''الخزنة الكبيرة''، ''وفاة موسى''، ''اسمع نوصيك يا إنسان''، ''يا محبوبي خبرني عمن زارني''، ''خذ حذرك يا صاحبي من معارف اليوم''، ''الوحداني''، ''الصلاة والسلام على النبي''، ''ضاع صبري''، ''أنا في حماك''، ''قلت ليها ولفي مريم'' ، ''غرامك سباني''. - وماذا عن الألحان؟ * اعتمدت على نفسي في تلحين الكثير من الأعمال الفنية التي قدمتها، كما وضعت بصمتي الخاصة على بعض القصائد المعروفة، وفي هذا الجانب أود الإشارة إلى أمر هام، وهو أن طريقتي في أداء القصائد أو الطقطوقات تختلف بين المرة والأخرى، فمثلا إذا أديت قصيدة الخزنة الكبيرة اليوم، فإني أقدمها في السهرة التالية بأسلوب مختلف تماما، وغالبا ما أرتجل على المنصة. - ماهي مقومات نجاحك الفني في نظرك؟ * هناك عدة أمور، أولها التركيز الكلي على المعنى، كوني لا أقدم أبدا عملا بدون مغزى، والثانية هي استعمال تقنيات صوتية عالية، أما الأمر الثالث فيكمن في احترامي لأذواق الجمهور، بحيث أقدم لكل شريحة ما تهواه من قصائد أو طقطوقات من الهدي الخاص بالشباب إلى القصيد. - ما رأيك في جيل مطربي الشعبي الجديد؟ * هو جيل نتمنى له كل التوفيق والحظ السعيد، وهو بحاجة ماسة إلى من يوجهه ويأخد بيده، وفي هذه النقطة بالذات أود الإشارة إلى أن مؤسسة فنون وثقافة قدمت أساتذة لهؤلاء الشباب من تلامذة العنقى، إلا أنا لم يتم الاتصال بي ولم تطلب مني مساعدة هذا الجيل. - هل تريد افتتاح مدرسة الشيخ بورديب؟ * طبعا هذا حلم أتمنى تحقيقه، فأنا أود أن افتتح هذه المدرسة الشعبية لمساعدة الجيل الجديد على فهم قواعد الشعبي. - بورديب لم ينقطع أبدا عن الغناء، حتى في السنوات السوداء، لماذا؟ * بالفعل لقد كنت أغني حتى في السنوات الصعبة والعشرية الحمراء، لأبعث البهجة في النفوس رغم الألم، ولأحافظ على الكلمة النظيفة التي يزخر بها الشعبي. - نحن في موسم الأفراح، كيف تتعامل مع من يطلبك للأفراح؟ * الحمد لله أجندتي الفنية مليئة بالمواعيد والأفراح، ومازلت حتى يومنا هذا اتفق مع من يطلبني لإحياء سهرة عرس في المقهى، أخرج كناشي من جيبي وأخط عليه تاريخ الحفل، وكما يقال أنا مطرب الزوالية وأحب الزوالية وأساعدهم، فكل ما أتمناه أن تعود قعدات زمان، وحفلات ختان الصبية للأحياء الشعبية، وأعد بتنظيم حفلات ختان مجانية. - ما هو وقت وصلاتك الغنائية في الأفراح؟ * أحيانا ينطلق الحفل على الساعة 11 ليلا ويتواصل حتى الخامسة صباحا، موزعة وفق برنامج ثري يخدم كل الأذواق، وكما يقال ''كل رفدة بساعة من الزمن. - ما هو الأمر الذي يسعدك في الأفراح الجزائرية؟ * أعشق الزغرودة الجزائرية المفعمة بالود والاحترام والتقدير. - ما الذي يتمناه الشيخ بورديب؟ * نحن بحاجة لرد الاعتبار في المعاملات، والحضور في مختلف المناسبات فقد مرت مناسبات عديدة لم تتم دعوتي إليها، على غرار الاحتفال بذكرى الكاردينال، فرغم أني أحد تلامذته إلا أنه لم تتم دعوتي لحفل تكريمه، كما أذكر أمرا حز في نفسي كثيرا، وهو أني عندما ذهبت لديوان رياض الفتح رفض المدير مقابلتي وهو في سن ابني، وهذا الأمر آلمني كثيرا، كما لم تتم دعوتي للمشاركة في فعاليات تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، رغم أن ما أقدمه من فن يصب في هذا الإطار مثل المديح وغيره، وهذا الأمر لم يحز في صدري لوحدي، فهناك فنانون في طبوع أخرى تستوجب مشاركتهم مثل مطربي المالوف والأندلسي. - هل سنرى الشيخ خلال الشهر الفضيل على الشاشة؟ * لقد طُلب مني الاتجاه إلى استوديوهات الكاليتوس للتسجيل، لكن السؤال المطروح لماذا أنتقل أنا وفرقتي الموسيقية لتسجيل عمل مدته 15 دقيقة ونكد ونجتهد في التسجيل، وفي النهاية لن ننال من الظهور على الشاشة سوى دقيقتين أو ثلاث، فأين هي قيمة العمل، وما الذي سيستفيده المشاهد من أغنية مبتورة. - رغم مشوارك الفني الطويل إلا أن عدد تسجيلاتك هو 5 ألبومات فقط، لماذا؟ * نعم لقد بدأت عملية التسجيل منذ الثمانينات، وجدت ألبوماتي تباع وعليها طابع الديوان الوطني لحقوق المؤلف، إلا أنني لم استفد يوما من دينار فلماذا أسجل، تكفيني ثقة العائلات الجزائرية التي أشاركها أفراحها-.