سكنه عشق الطابع الشعبي منذ الصغر، وساعده الوسط العائلي على ديمومة هذا العشق، وصقل تلك الموهبة الدفينة التي تفجرت عند تأديته لأغنية »ادعيلي بلخير« للمطرب القدير »رحمه بوعلام«، انطلاقته الحقيقية كانت بصدور ألبومه الأول والديو الذي جمعه براضية عدة »على بالي وعلى بالك« للمرحوم »محمد الباجي«، وهي الأغنية التي عرفت انتشارا واسعا، وكانت الدافع إلى إصدار ألبومات أخرى تضم أغاني شعبية خفيفة، تتماشى والعصر... ضيفنا هذا الأسبوع يعد أحد ممثلي الموجة الجديدة للشعبي، وأحد تلامذة »بوجمعة العنقيس« و»عبد الرحمان القبي«، و»كمال بورديب«، إنه المطرب »ديدين كروم« الذي أجرينا معه هذا الحوار الذي أفصح فيه عن جديده وتفاؤله بمستقبل أفضل للفن والفنانين في ضوء الانتعاش الذي تشهده الساحة الفنية والثقافية عندنا، على حد تعبيره... - المساء : »ديدين بن كروم« كان من المطربين الذين ادخلوا تعديلات على الشعبي، إذ طعموه بالريتم الخفيف الذي لم يرض البعض من شيوخ الشعبي الذين لم يستحسنوا ذلك، فما تعليقك؟ * المطرب ديدين كروم: بالفعل، أنا وغيري من مطربي الشعبي تعمدنا إضفاء نوع من الحركة على هذا الطابع، وهذا بإعطائه ريتما خفيفا يلائم العصر، ولا يخفى على أحد أنه أتت فترة كاد فيها الشعبي يندثر وسط موجة الراي التي اكتسحت الساحة بقوة، فلم نكن لنبقى مكتوفي الايدي نتفرج واصالتنا تتلاشى أمام اعيننا، لذا فكرنا في الريتم الخفيف حتى نجذب جمهورا إلى هذا الطابع الأصيل، صحيح أننا خففنا الريتم لكننا لم نخرج أبدا عن اصالتنا، وما لجأنا إليه كان وسيلة لجلب الشباب فقط، فأيهما أحسن أن نجد حلا لاستمرارية هذا الفن، أم أن نفعل كما فعل الكثير من اعمدة الشعبي الذين لم يقاوموا وفضلوا الانسحاب؟ - هل أنت من المطربين الذين تستهويهم إعادة الأغاني الناجحة؟ * في البداية أديت أغنية المطرب القدير »رحمة بوعلام« »ادعيلي بلخير يا لميمة« وحتى في المناسبات السارة والأعراس أؤدي بعض الأغاني الناجحة لكبار مطربينا، لكن ألبوماتي السبعة أغلب أغانيها تحمل بصمتي الخاصة. - مع من تتعامل في كتابة الكلمات؟ * هناك عدة كتاب منهم: ياسين أوعابد، خالد سفيان، ودحمان عيساوي كاتب كلمات »زرنا لبرور« لألبومي الصادر في 2003 وأغان كثيرة أخرى، وسبق وأن أديت لمحمد الباجي ديو »على بالي وعلى باك« وأغنية »رايحة وين«. - وهل جربت الكتابة؟ * هي تجربة وحيدة في 1995 وكانت أغنية مهداة لابنتي »لينا« عند ولادتها، هذا الحدث السار الذي أبهرني وجعلني أبدع واكتب كلمات من فرط سعادتي، وإن كنت صراحة أفضل ترك هذه المهمة أي كتابة الكلمات لغيري. - هناك من يعتقد أن الشعبي لا يتذوقه إلا العاصميون، فهل أنت مع هذا الرأي؟ * ليس صحيحا، وقد تأكدت من ذلك عند تواجدي بعنابة وهذا اثناء دراستي الجامعية، حيث كنت طالبا في مادة الفيزياء، وبالموازاة كونت فرقة موسيقية، وكنا نحيي بعض الحفلات، وهناك اكتشفت تذوق الجمهور العنابي للفن الشعبي، وهناك علمت أيضا أن الشيخ الحاج محمد العنقى والقبي قضيا مدة في هذه المنطقة، وحببا هذا الفن لأهلها، وللعلم حتى يومنا هذا لازالت أقيم حفلات في عنابة رغم أني أقطن بالعاصمة، فالشعبي مطلوب جدا في الأعراس هناك، وليس في عنابة فقط، بل في كل ربوع الجزائر هناك عشاق لهذا الفن الأصيل. - وبعد الألبوم، هل هناك مشروع لكليب في الأفق؟ * صراحة لا، فالكليب الناجح يتطلب تقنيات عالية ووسائل متطورة، وسيناريستا مبدعا، ونحن للأسف لم نحتكم بعد في مثل هذه الامور الضرورية جدا لإنتاج كليب في المستوى المطلوب، فنحن اليوم في غنى عن التصوير بطريقة عشوائية غير معبرة، لا نرى فيها سوى شاطئا أو حجرا أو شجرة، فالكليب يحتاج الى دراسة، والى صور ناطقة توحي بمضمون القصة، وهذا ما نفتقده، لكننا سنصبر وننتظر وربما نحقق يوما ما نرجوه. - رغم كل هذه النقائص إلا أننا نلمس لديك روح التفاؤل، فمن أين أتاك هذا البصيص من الأمل؟ * صراحة، دعوة الوزيرة لنا للمشاركة في المهرجان الإفريقي رفعت من روحنا المعنوية، ومن روح التحدي أيضا، وليس هذا فقط، فهناك ايضا عدة بوادر تبعث الأمل وتجعلنا نتفاعل، فوزارة الثقافة وعلى رأسها السيدة الوزيرة، تعمل كل ما في وسعها لرفع مستوى الفن والفنانين، وبالمناسبة أريد التنويه بمجهودها الذي نرى ثماره على أرض الواقع، فالفنان الجزائري اليوم بات يبدع بفضل التشجيع والتكريم والاعتراف بعطاءاته، وسيعطي ويرتقي اكثر فأكثر عندما يوضع له إطار قانوني محدد، يحمي حقوقه ويرعى مصالحه، وهذا ما تسعى الوزارة إلى تحقيقه في الأمد القريب. - وماذا بعد المهرجان الإفريقي؟ * هناك جولة فنية عبر المدن الداخلية، وهذا في إطار السهرات الرمضانية. - كلمة أخيرة... * هي كلمة أوجهها إلى جمهوري العزيز، الذي أرجو أن يعلم أني لم أغب يوما عنه، وإن حدث فإنما لأجل إنتاج يرقى إلى ذوقه ومسمعه، أي لأجله ولأجله فقط وشكرا.