يحتفل بعض الجزائريين بصيام أطفالهم لأول مرة، ويحظى هؤلاء الشجعان باهتمام خاص من طرف عائلاتهم، وفي هذا الشأن أرادت ''المساء'' معرفة ما إذا كان الجزائريون يتذكرون تلك التقاليد التي ميزت أول يوم صومهم ورغبة في التعرف على ما جعل هذا اليوم مميزا بالنسبة لهم... في بحثنا عن العادات والتقاليد الجزائرية الممارسة من اجل الاحتفال بأول يوم صومهم، وبعد مساءلة المارة حول هذا الموضوع بدأت أجوبة البعض منهم بكلمة ''في الماضي كنا...''، وكأن تلك الطقوس التي تميز صوم اليوم الأول لم يعد لها تلك الخصوصية ولم تعد تحتل تلك المرتبة التي كانت عليها من قبل رغم ان أغلبية من تذكروا تلك الطقوس، حدثونا عن كأس الشربات ذاك الذي يعطى للطفل لدى أول إفطار له وذلك الخاتم المصنوع من الذهب أو الفضة الذي يوضع فيه وتلك البيضة التي تقدم للطفل في بعض العائلات ليأكلها فوق سطح المنزل، تعبيرا عن ''سمو النفس '' وغيرها... فلا جديد أصبح يطرأ على هذه العادات ولا تغيير إلا ان ما ميز أجوبتهم عن سؤال تذكرهم لذلك اليوم، هي تلك المواقف الطريفة التي عاشوها في مثل ذلك اليوم حيث تقول خالتي ''غنية'' التي كانت تتسوق في احد أحياء العاصمة، أنها في أول يوم من صومها اشتد إحساسها بالجوع، خاصة في الدقائق الأخيرة التي تسبق موعد الإفطار، خاصة ان تلك البيضة التي أعطيت لها لتأكلها على السطح كانت قد فتحت شهيتها وكاد يوم الصوم ذاك وتلك الساعات التي جعلت صبرها يطول ويطول تذهب سدى، لولا تدخل أمها وإخوتها وتحذيرها من أكلها فطلقة المدفع لم تحن بعد لتعلن عن موعد الإفطار. أما رفيقتها الحاجة ''فاطنة'' فإنها تقول حول هذه العادة، أنها كادت تختنق بعد أكل البيضة فهي تتذكر جيدا ذلك اليوم الذي تقول أنها كادت تفارق الحياة فيه بسبب العطش والحر الذي ميزه. وبالنسبة للسيدة ''فريدة'' معلمة في إحدى مدارس العاصمة في الطور الابتدائي، فإنها تقول أنها في يوم صومها الأول أجبرتها والدتها على الاستحمام إلا أنها وخوفا من دخول الماء فمها وضعت منشفة عليه لتفادي ذلك. وتضيف ان تلك العملية استمرت طوال شهر رمضان كلما اضطرت للاستحمام. وفي مقابل ذلك فإن ''عمي سعيد'' يقول أن بداية صومه تزامنت مع بداية تعلمه الصلاة. ويضيف انه أرغم نفسه على الصوم إلا انه كان يغش من خلال قطرات الماء تلك التي كان يتحصل عليها من خلال عملية الوضوء. أما الآنسة ''فتيحة'' العاملة في قطاع التعليم، فتقول هي الأخرى، أن أول يوم صوم في حياتها جعلها ثرية، فالعادة في أسرتها ان يعطى الطفل مالا جزاء له. وتضيف أنها أصبحت تصوم رغبة في الحصول على المال وشراء الحلوى. والعادة التي كان يمارسها الجزائريون في وقت مضى هي تخصيص مكان للطفل الصائم لأول مرة للجلوس حول مائدة الكبار، وهنا تقول الآنسة ''ليلى'' خريجة المعهد الوطني للتجارة، أن الجلوس الى مائدة الكبار كان سبب صومها، إلا ان أخاها الذي يكبرها بسنتين أراد منعها من ذلك حتى لا تظفر بذلك المكان الثمين. وتضيف انه حاول إغراءها طيلة اليوم بمختلف المأكولات حتى انه جرى وراءها لإرغامها على شرب الماء. ومن المواقف الطريفة التي ميزت ولا تزال تميز الأطفال الصائمين لأول مرة، وحتى المتعودين على ذلك، الأكل خفية وادعاء الصوم طوال اليوم، وفي هذا الشأن تقول الآنسة ''فضيلة'' خريجة جامعة باب الزوار، أنها في يومها الأول لم تستطع الصبر عن أكل الحلويات وادعت صيامها طوال اليوم حتى أن عائلتها احتفلت بها بإعدادها على شرفها أشهى المأكولات. وفي نفس السياق تقول الآنسة ''سميرة'' طبيبة بمستشفى مصطفى باشا، أنها تتذكر أول صوم لها بسبب كعكة ''الطلية'' التي كانت جدتها تعدها والتي فتحت شهيتها وجعلتها تتسلل الى الغرفة التي وجدت فيها تلك الحلوى المحلاة لتلتهم ثلاث منها وتمسح فمها بعد ذاك من السكر الذي علق على فمها وكان شيئا لم يحصل. مواقف طريفة لازالت تشاهد اليوم، خاصة مع أطفالنا الصغار الذين يصومون لأول مرة قبل حلول سن بلوغهم لتصبح ذكرى من ذكرياتهم ومن ذكريات آبائهم-.