دعا الإعلامي والناقد الفني امزيان فرحاني، مسؤولي الجرائد اليومية الوطنية إلى الاهتمام أكثر بالصفحات الثقافية وتخصيص حيز اكبر لها بالإضافة إلى تعيين عدد معتبر من الصحفيين في هذا المجال وتكوينهم في تخصص ثقافي معين حتى يكون لدينا صحفيون ناقدون في كل مجالات الثقافة والفكر والفن. وأضاف امزيان في الندوة التي نظمت في إطار الطبعة السادسة عشر للصالون الدولي للكتاب بعنوان ''الإنتاج الروائي والنقد الأدبي''، أنّ هناك نوعين من النقد، أولهما النقد الجامعي المتخصص المعتمد على التحليل والدراسة وثانيهما النقد الصحفي، وفي هذا السياق، أكد المتحدث وجود قطيعة بين الناقدين مما اثر كثيرا على مستوى النقد الصحفي. واعتبر المتحدث أنّ قلة اهتمام مدراء الجرائد بالثقافة في صفحات جرائدهم من خلال تخصص حيز ضيق لها أو حذفها تماما من الصحيفة، أثّر كثيرا على النقد الصحفي للأعمال الثقافية، خاصة المتعلقة بالكتاب باعتبار أنّ عملية نقد الكتاب تتطلب وقتا اكبر من نظيرتها حول السينما والمسرح، وتذكّر امزيان الماضي المجيد للنقد الأدبي حيث كان لجريدة ''المجاهد'' ملحق ثقافي مهم جدا وذو مستوى عال، أمّا جريدة ''ألجي ريبيبليكان'' فقد كان قسمها الثقافي يضم اثني عشر صحفيا أمّا اليوم في عهد حرية التعبير فأكثر من سبعين بالمائة من الجرائد اليومية لا تهتم بالثقافة أصلا-حسب المحاضر-. امزيان أشار أيضا إلى أنّه لا يمكن مقارنة واقع النقد الفني في الجزائروفرنسا ففي حين تتمتّع هذه الأخيرة بصناعة حقيقية للكتاب (دور نشر قوية، وحلقة للتوزيع وغيرها) لا تتمتع الجزائر بمثل هذه الميزات، إذ أنّها تضمّ في كل أقطارها ست مائة مكتبة من بينها مائة مكتبة على أكثر تقدير متخصّصة فقط في بيع الكتب لا غير، بالإضافة إلى قلة المكتبات العمومية وضعف توزيع الكتب وكذا مشكلة استيراد كتب الجزائريين المقيمين بالخارج وغيرها من المشاكل التي تمس قطاع الكتاب. من جهته، قال الكاتب بن عمر مدين انه لا يوجد فضاء في الجزائر يضم كل أطياف الثقافة والفن من أدب وفن تشكيلي وصورة وغيرها، تكون ملاذا لمحبي الفكر وتجذب إليها النقاد الهواة الذين يجدون فيها ضالتهم وينمون من خلالها حسهم النقدي، مستطردا في قوله أنّ غياب التدريس المعمق للمواد المتعلقة بالنقد مثل اللغة والأدب في المدارس والثانويات والجامعات أدّى إلى فقر في الفكر، فلم يعد الطفل مثلا يهتم بالفن وبالتالي فلن يتحلى بفكر نقدي في كبره. أمّا الصحفي والكاتب ارزقي مترف فقد عاد في مداخلته إلى الزمن الجميل حيث كان النقد الصحفي في سنوات الثمانينات في أوجه، متسائلا عن واقع هذا النقد في زمننا هذا، بالمقابل أكّد المتحدّث ضرورة أن يرتدي الصحفي الناقد رداءين، واحد يتعلق بقدرته في الكتابة الصحفية والثاني في قدرته على تحليل عمل أدبي ورؤيته ومعالجته من جميع الجوانب. واعتبر المتحدث أنّ الناقد الصحفي الجزائري لا يهتم بالعمل المنتقد بقدر اهتمامه بالرسالة التي يريد صاحب العمل إيصالها إلى القراء، معطيا مثالا عن ذلك برواية ''الربوة المنسية'' لمولود معمري التي واجهت نقدا لاذعا من طرف مصطفى لشرف وغيره الذين لم يهتموا بعمل الكاتب الجيد بل انتقدوا التجديد الذي أتى به والذي لم يساير السياسة الإيديولوجية الوطنية آنذاك، وأضاف بتأسف أنّ النقد ما يزال لا يهتم بالمضمون ويصدر أحكاما قاطعة وغير قابلة للتغير. وتناول الكاتبان محمد قاسيمي ويحي العسكري (المقيمان بفرنسا)، واقع النقد الأدبي في فرنسا، فقال يحي العسكري أنّ النقد الأدبي موجود في فرنسا لكنه يقتصر فقط على المجلات المتخصّصة ولا يؤثّر قطعا في نجاح الكاتب أو مبيعات الكتب، مضيفا أنّ الجوائز الأدبية تمنح في فرنسا لاعتبارات سياسية لبعض اللوبيات. وقال العسكري أنّ ناقدا أدبيا بجريدة ''تيلي راما'' كتب في مقال أن عشرة كتب من بين 651 التي صدرت بداية سبتمبر ستحقق نجاحا بين القراء، مضيفا أنّ الحكم على جودة الكتب التي صدرت في وقت واحد، ظالم، لأنّه من المستحيل أن يكون هذا الصحفي قد قرأ كل الكتب التي صدرت دفعة واحدة واختار أفضلها". وأشار العسكري إلى أنّ الكثير من الكتاب الموهوبين غير معروفين لأنّ الصحافة لا تتحدّث عنهم، بيد أنّ المواقع الخاصة بشخصيات صحفية مشهورة تعمل على التعريف بالكتاب الذين تحبهم بدون النظر إلى مستواهم الأدبي، بالمقابل قال الكاتب قاسيمي أنّ الرأي العام هو الذي يحدّد نجاح كاتب من عدمه مقدّما مثالا على ذلك، كتاب بونيفاس الأخير حول المثقفين المزيفين الذي لم تكتب عنه الصحافة إلاّ أنّه حقّق مبيعات فاقت سبعين ألف نسخة