تحتضن الجزائر، يومي 16 و17 نوفمبر الجاري، أول اجتماع لفريق العمل الخاص بتعزيز قدرات وإمكانيات دول الساحل لمكافحة الإرهاب بالمنطقة، والمنبثق من المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي تم الإعلان عنه في واشنطن شهر سبتمبر الماضي. ويجمع هذا اللقاء الأول من نوعه، حسب بيان وزارة الشؤون الخارجية الذي نشر أمس، تقنيين وخبراء دوليين في المجال الأمني، والذين سيسعون إلى ضبط الإجراءات العملية التي سيرتكز عليها التعاون في مجال مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، سواء تعلق الأمر بالتعاون والتنسيق الميداني بين دول المنطقة، أو المجالات التي تؤطر تعاون هذه الدول مع الشركاء الدوليين على غرار فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا، التي تولي اهتماما خاصا بالوضع الأمني في منطقة الساحل، وتسعى إلى نسج علاقات تعاون قوية في المجال الأمني مع دول المنطقة حتى تتمكن من صد التهديدات التي تعترض مصالحها بفعل تنامي العمل الإرهابي والجريمة المنظمة بهذه المنطقة. كما يهدف اللقاء الذي تتولى الجزائر رئاسته مناصفة مع كندا، إلى بحث كيفية تعزيز القدرات في مجال مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، ودعم جهود التنسيق بين الدول المعنية لصد خطر التهديدات الإرهابية. وقد جاء اختيار الجزائر لاستضافة هذا الاجتماع، مطابقا للدور المنوط بها في دعم التنسيق الأمني والتنموي الجهوي، وتجربتها الرائدة في مجال مكافحة الإرهاب والمخاطر المترتبة عن تنامي الجريمة المنظمة بالمنطقة، علاوة على وفائها بالتزاماتها الدولية في مجال محاربة آفة الإرهاب وآليات تمويله. كما يأتي هذا الاجتماع في أعقاب الإعلان عن تشكيل المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب بواشنطن في سبتمبر الماضي والذي تعتبر الجزائر عضوا مؤسسا فيه، وتترأس إلى جانب كندا إحدى مجموعات العمل الإقليمية والموضوعاتية الخمس المنبثقة عن المنتدى. كما يأتي في أعقاب ندوة الجزائر الدولية حول محاربة الإرهاب في منطقة الساحل، والتي عقدت هي الأخرى مطلع شهر سبتمبر الفارط ولقيت إشادة كبيرة من قبل الدول الأعضاء في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب ولا سيما منها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي هنأت على لسان الجنرال كارتر هام القائد الأعلى للقوات الأمريكية لإفريقيا ''أفريكوم'' الجزائر على تنظيم هذه الندوة التي تناولت موضوع ''الشراكة والأمن والتنمية بين دول الميدان والشركاء من خارج الإقليم''. وقد سمحت تلك الندوة بتوضيح الرؤى والتصورات بين دول المنطقة وشركائها فيما يخص طبيعة التعاون المرجو في مجال محاربة الإرهاب ودعم عوامل التنمية بالمنطقة، كما تم التأكيد خلال الندوة على أهمية التفكير في كيفية ضمان السلم في المنطقة، بعد أن أضحت مهددة أكثر من ذي قبل مع ظهور الأزمة في ليبيا، والتي جعلت من الساحل حسب وصف بعض الخبراء ''مخزنا حقيقيا للأسلحة والذخيرة'' في ظل الانتشار الواسع للسلاح ونقله عبر الحدود إلى داخل منطقة الساحل التي أصبحت تمثل منطقة رهينة للإرهاب والجريمة المنظمة، بمختلف أنواعها ومظاهرها. وتبعا لندوة الجزائر الدولية التي انعقدت في سبتمبر الماضي، فقد اجتمع مسؤولو دول المنطقة الأسبوع المنصرم بواشنطن لدعم مقاربتهم الجديدة متعددة الأطراف بشأن أمن الساحل، وهو الاجتماع الذي وصفه السيد عبد القادر مساهل الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية بالمرحلة النوعية في ترسيخ الشراكة الإقليمية لمكافحة الإرهاب والتي تم اقتراحها في ندوة الجزائر، لا سيما وأنه جاء ليكمل عدة مؤتمرات سياسية وعسكرية واستخباراتية تم تنظيمها في السابق. وقد سعت الجزائر دوما في مثل هذه اللقاءات إلى فرض رؤيتها للتعاون الأمني بمنطقة الساحل، وهي الرؤية التي تعتبر دول الساحل قادرة على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في إطار جماعي منظم ومتفق عليه، يقوم على توحيد الجهود ووضع استراتيجية واضحة، مع الاستفادة من دعم الشركاء الدوليين في مجالات التدريب وتبادل الخبرات والمعلومات الأمنية، علاوة على ضرورة استفادة دول المنطقة من مساعدة الشركاء في مجالات تطوير دعائم التنمية والرقي الاقتصادي والاجتماعي، وذلك لتفادي وقوع شبابها في قبضة بارونات الإجرام والعصابات الإرهابية.