يستقبل قصر الكدية بتلمسان من 19 نوفمبر الجاري إلى غاية 14 جانفي القادم معرضا بعنوان ''من تراب وطين'' يبرز مهارات البنائين الذين اعتمدوا الهندسة التقليدية والذين يحاولون أيضا مسايرة العصر بلمسة تراث تبرز خصوصية الفن المعماري التقليدي. المعرض مهدى إلى المعماريين، الذين اعتمدوا مواد الأرض الخام في بناءاتهم، كما يحاول إبراز أهمية التقنيات التقليدية في البناء وكذا تنوعها وقدرتها على استيعاب مقاييس البناء العصرية التي تضمن الراحة والسكن ودوامه. من جهة أخرى؛ يحاول المعرض تعريف هؤلاء البنائين والمهندسين وقدراتهم الابداعية للجمهور العريض بغرض استرجاع هذا التراث المعماري الهام الذي تولد من أرض الجزائر وبالتالي وجوب المحافظة عليه وإعادة بعثه. لقد كانت الأرض المورد الأول في عملية البناء منذ فجر الحضارات ومع التطور ظهرت العديد من أشكال البناء مبرزة تنوعا واضحا يتماشى وأرض (تراب) كل منطقة من هذا العالم وتبرز أيضا التعددية الثقافية وخصوصيتها من شعب إلى آخر ومن ثم ظهر مصطلح ''هندسة التراب''. ويسود اعتقاد خاطئ بأن هذه الخصوصيات الهندسية التقليدية -التي لا تزال قائمة إلى اليوم- محصورة في إفريقيا أو في البلدان النامية فقط؛ بينما الواقع يبرز أن هذه التقنيات لا تزال قائمة في بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية حفاظا على الخصوصيات العمرانية التي تعد خصوصيات ثقافية لا يمكن التفريط فيها. وتعتبر ''تومبوكتو'' المالية مدينة مبنية مباشرة على الأرض بوسائل تقليدية، لكن لا يمكن التصور أن سور الصين العظيم بني بنفس التقنيات التقليدية، ومن يصدق أن أول أبراج العالم بنيت بتقنيات تقليدية، ولا تزال شامخة على أرض اليمن، حيث أطلق عليها تسمية ''مانهاتن اليمن''. لا يعلم الكثير منا أيضا أنه في سنة 1980 توجه اهتمام العالم عبر قاراته الخمس إلى هندسة التراب، خاصة بعد أطروحة المعماري المصري الشهير حسن فتحي، وبهذا فإن الدراسات والتجارب توسعت أكثر في هذه التقنيات في العالم المتقدم، خاصة في الولاياتالمتحدة ومن ثم أصبحت هذه الدراسات مشاريع مجسدة وراقية في البناء لتهدم الصورة القاصر عن ''هندسة التراب'' التي كانت مجرد فلكلور. كما سيكون المعرض المقام فرصة لرفع الستار عن كثير من التقنيات الخاصة ب''هندسة التراب'' سواء منها التقليدية أو الحديثة. وسبق للجزائر أن احتضنت معرض ''أرض، إفريقيا وغيرها'' الذي أقيم في إطار المهرجان الإفريقي الثاني بالعاصمة عام 2009 وقدمت فيه مختلف تقنيات البناء والمعمار في إفريقيا والعالم. للإشارة؛ سيقام المعرض على مساحة 1400 متر مربع وستشرف عليه المهندسة المعمارية المختصة في المباني الأثرية و''هندسة التراب'' السيدة ياسمين تركي. وبمناسبة المعرض؛ سيقوم 20 فنانا مختصا في الديكور بإنجاز جدارية يمثلون منطقة ال?رارة والقبائل، إضافة إلى مشاركة بوركينافاسو، غانا، موريتانيا، النيجر، فرنسا والبرتغال. ستقدم أيضا العديد من الجرات المصنوعة من الطين يعرضها 4 حرفيين من قرية سيدي سميان بولاية تيبازة، إضافة إلى عرض 20 نوعا من الرمل بألوان مختلفة تعكس ثراء الأرض. ينقسم المعرض إلى 4 أقسام، الأول خاص ب''عالمية هندسة التراب'' والثاني عن ''تنوع هندسة التراب'' والثالث خاص ب''عصرنة هندسة التراب''، ثم ''القصور المحمية بالجزائر، بين التراب والحجر''. وأغلب الأقسام تتضمن صورا فوتوغرافية لأهم وأقدم البنايات المعمارية في الجزائر والعالم .