عاد التوتر ليخيم على ميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية بعد أن أججت عملية مقتل متظاهرين اثنين ليلة السبت إلى الأحد النفوس وأدت إلى استمرار الاشتباكات بين قوات الأمن ومئات المتظاهرين لليوم الثاني على التوالي، مما أعاد المشاهد العنيفة التي عاشها المصريون خلال ثورة 25 جانفي. وشهد ميدان التحرير منذ الساعات الاولى من صباح أمس توافد مئات الأشخاص الغاضبين على إقدام قوات الأمن على قمع المتظاهرين وتفريقهم بالقوة باستخدام الغازات المسيلة للدموع والهراوات وحتى إطلاق الرصاص المطاطي. ورد المتظاهرون بإضرام النار في إطارات السيارات كما قاموا بإلقاء زجاجات حارقة على قوات الأمن المركزي للحد من إطلاق القنابل المسيلة للدموع التي تسببت في وقوع إصابات كثيرة في صفوف المعتصمين قدرتها وزارة الصحة بحوالي 750 جريحا. ولم تقتصر الاحتجاجات على ميدان التحرير، بل توجه المئات الآخرين من المحتجين إلى مقر وزارة الداخلية مرددين شعارات تطالب المجلس العسكري الحاكم وعلى رأسه المشير حسن طنطاوي بالرحيل. وسرعان ما انتقل لهيب هذه الاحتجاجات إلى مدن أخرى على غرار الإسكندريةوالسويس وأسوان تلتها اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن مما أسفر عن سقوط المزيد من الجرحى. ونقلت مصادر إعلامية مصرية أن المتظاهرين في الإسكندرية فوجئوا بإطلاق رصاص مطاطي وقنابل مسيلة للدموع من طرف الشرطة، مما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص على الأقل. وانطلقت المظاهرات في الإسكندرية احتجاجا على تدخل قوات الأمن المركزي ضد المعتصمين والمتظاهرين في ميدان التحرير المطالبين بالانتقال الفوري إلى الحكم المدني والرافضين لوثيقة المبادئ الأساسية للدستور. نفس المشهد المتوتر عاشته مدينة السويس منذ ليلة السبت إلى الأحد حيث نظمت مظاهرات تضامنية مع المعتصمين في ميدان التحرير. وفي ظل هذه التطورات الخطيرة سارعت حكومة عصام شرف إلى المطالبة بالتعقل وضبط النفس بعد أن وصفت ما يحدث بالأمر الخطير وينعكس سلبا على مسار البلاد والثورة. وفي محاولة منها لاحتواء الوضع المتوتر وامتصاص غضب الشارع، لجأت السلطات المصرية إلى نشر تعزيزات أمنية منذ فجر أمس بالمحاور الرئيسية لمدينة القاهرة. وسارعت الحكومة المصرية التي تعمل تحت إشراف المؤسسة العسكرية إلى إصدار بيانات تهدئة جاء فيها أن ''التظاهر السلمي حق دستوري مفروغ منه، ولكن ولأن الأحداث اتخذت مثل هذا المنحى فإن الجميع يصبح مطالب بضبط النفس والتحلي بالمسؤولية''. وتكشف دعوة الحكومة المصرية إلى التعقل عن مخاوف متصاعدة من إمكانية تأثير مثل هذه الأحداث على مسار أولى الانتخابات لما بعد سقوط نظام مبارك المقررة بعد ثمانية ايام من الآن. ولكن الجنرال محسن الفنجري احد أعضاء المجلس العسكري الحاكم أكد أن الانتخابات التشريعية ستتم في موعدها المحدد يوم الاثنين المقبل وأن السلطات قادرة على ضمان الأمن أثناء عملية الاقتراع.