شكل التكفل بالأشخاص ذوي الإعاقة: الواقع ومتطلبات المستقبل، موضوع الملتقى الدولي الثاني الذي احتضنته مؤخرا كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الجزائر.2 وجاء اختيار هذا الموضوع من أجل توجيه نداء للباحثين لتعميق البحث العلمي حول هذه الفئة، وإيلائها الأهمية المستحقة نظرا للنقص المسجل حولها بالدراسة والتحليل، ولعل ذلك ما يوضحه غياب الإحصائيات الدقيقة حول عدد المعاقين بالجزائر، إذ تشير المعطيات الإحصائية إلى وجود 5 ? من سكان الوطن معاقين، في حين تقر وثائق الأممالمتحدة بأن عدد ذوي الإعاقة بصفة عامة في كل مجتمع يتراوح ما بين 10 و15 %. إن التكفل المتعدد الجوانب بفئة ذوي الإعاقة يعتبر نظاما متكاملا من الخدمات، يشرف على تقديمها مختصون قادرون على مراعاة الخصوصيات المميزة له، ويتبعون منهجية خاصة في التعامل الفعال مع الإعاقة بهدف تحقيق أعلى درجة ممكنة من الاندماج والتوافق النفسي والاجتماعي والمهني لهذه الفئة. يقدم هؤلاء المختصون بحوثا ودراسات حول هذه الفئة دون عزلها عن نطاق بيئتها، مع تشخيص واقع التكفل بها من مختلف الجوانب، ومدى مساهمة مختلف القطاعات في عملية إدماجها في المجتمع. ولعل مختلف الدراسات التي أشرف على تقديمها أساتذة وباحثون خلال ملتقى''التكفل بالأشخاص ذوي الإعاقة: الواقع ومتطلبات المستقبل''، قدمت مجملا تصورات عن أشكال هذا التكفل، وكانت في الحقيقة دعوة موجهة إلى مختلف مؤسسات المجتمع من أجل تحسين واقع الشخص ذي الإعاقة، بحسب حديث الأستاذ عبد الكريم أوغلة أستاذ محاضر في الأدب المقارن بجامعة الجزائر2 ل''المساء'' على هامش الملتقى، وأضاف بقوله أن العمل على إيجاد الوسائل العملية للتكفل الشامل بالمعاق يشمل الجوانب النفسية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية، وكذا الجانب الحركي المسهل لحياته واندماجه في مجتمعه بطريقة سلسة، مع التركيز على أن دور الجامعة يكمن في تقديم دراسات ومقاربات تساهم في تشخيص واقع هذه الفئة لتسهيل اندماجها اجتماعيا، مع تسليط الضوء على جوانب النقص المعيقة لذلك. ولعل هذا ما يجعل البحوث المقدمة خلال الملتقى، لا تعكس واقع ذوي الإعاقة في الجزائر بالأرقام. في سياق متصل، تشير الأستاذة نسيمة بندار في مداخلتها تحت عنوان ''دور مؤسسات رعاية ذوي الإعاقة في إدماجهم ضمن إستراتيجية التنمية المحلية: دراسة ميدانية بالمركز الطبي البيداغوجي تبسة نموذجا''، إلى أن الإعاقة بمختلف أنواعها مشكلة تمس جميع المجتمعات، كونها ظاهرة إنسانية اجتماعية، ولقد أخذت مكانة بارزة في اهتمامات الدارسين والباحثين، نظرا لتفاقمها في مختلف أنحاء العالم، حيث بلغت نسبة ذوي الإعاقة 10 % من سكان العالم أي ما يقارب 600 مليون شخص؛ منهم 80 % في الدول النامية. ويتوقع الخبراء أن تزداد مشكلات ذوي الإعاقة كل سنة وذلك راجع إلى زيادة أعدادهم التي بدورها ترجع إلى تعدد الأسباب المؤدية إلى الإعاقة. ولهذا الغرض، أنشأت الدولة الجزائرية مؤسسات ومدارس خاصة بهم لتربيتهم وتأهيلهم، من خلال ما يعرف بالتربية الخاصة والتأهيل المهني والاجتماعي الذي يتناسب مع أبعاد نموهم الشخصي، حيث تعمل هذه المؤسسات المتخصصة على رعاية ذوي الإعاقة خاصة من الناحية النفسية والاجتماعية والتربوية والتعليمية والمهنية، علما أن عدد مراكز العناية هذه يصل إلى377 مركزا؛ منها 258 مركزا مسيّرة من طرف السلطات العمومية، و119 مركزاآخر تشرف عليها الجمعيات الخيرية بتمويل من خزينة الدولة. تعمل هذه المراكز التي يشرف عليها فريق رعاية متخصص ومؤهل لتحويل قدرات المعوق إلى طاقة منتجة وفعالة، ''فأمام كل إعاقة سواء أكانت بصرية أو حركية أو غيرها، هناك قدرة على التعويض وهبها الله لهذا المعاق، وعليه وجب على كل معاق يعيش ضررا معينا أن يبحث في مواطن القوة لديه ويعمل على تطويرها، وذلك بالتقرب من مؤسسات الرعاية والتأهيل الخاصة بذوي الإعاقة''، تقول الأستاذة فتاحين عائشة أستاذة باحثة في علم النفس ورئيسة فرقة بمخبر التربية-التكوين والعمل بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة الجزائر,2 خلال حديثها مع ''المساء'' على هامش ملتقى التكفل بالأشخاص ذوي الإعاقة: الواقع ومتطلبات المستقبل، مضيفة أن الذي ينقص الدراسات المتخصصة في الجزائر حول ذوي الإعاقة هو الإحصائيات الموضوعية الدقيقة التي يتم تحديثها بين الفترة والأخرى. أما إشكالية الحديث عن ذوي الإعاقة بصفة ظرفية مرتبطة بالمناسبات العالمية أو الوطنية، فتشير الأستاذة أن سببها نقص الوعي الحقيقي بالإعاقة ''نحن نتذكر المعوق في المناسبات فقط، إلا أن المشكل ليس في السؤال لماذا؟ وإنما في: كيف يجب أن نتجاوز الظرفية في معالجة الإعاقة والمعوق، وأعتقد أن مسؤولية ذلك تقع على كافة قطاعات ومؤسسات المجتمع''، تختم الأستاذة فتاحين حديثها مع ''المساء''.