مشكلات الشباب وكيف عالجها الإسلام هو عنوان المحاضرة التي ألقاها أول أمس الأستاذ الإمام جمال حمال بدار الإمام في المحمدية، بحضور عدد من الأئمة والمرشدات الدينيات، في إطار برنامج الندوة الشهرية للأئمة، الذي تشرف عليه مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية الجزائر. واعترف المحاضر منذ البداية أنه ''استصغر'' موضوع المحاضرة عندما طلب منه إلقاءها، لكنه سرعان ما أدرك أهميته، مشيرا إلى أن الأئمة بوصفهم ''قادة الأمة وموجهيها'' قد لا يدركون في كثير من الأحيان خطورة وأهمية بعض المواضيع. وقال إن الشباب الذين يمثلون أغلبية السكان، ''إذا لم نفهمهم فإننا سنخطئ الاستثمار فيهم''، معتبرا أن المشكل المطروح ببلادنا هو غياب الحوار الذي يؤدي إلى غياب ''التفهم''. وقسم المشكلات التي تعاني منها هذه الفئة إلى عامة وخاصة، الأولى يدخل في خانتها: الفراغ الفكري الذي يتجسد في غياب تحديد الهدف من الحياة لدى الشباب، الأزمات الاجتماعية كالبطالة وغياب السكن وعدم القدرة على الزواج... الخ، إضافة إلى التوجيه السيء في المحيط الذي تعيش فيه، أما الثانية فتخص ترك الشاب للواجبات والطاعات وارتكاب الفواحش... الخ وهي عوامل قال إن الشاب مسؤول عنها، عكس العوامل العامة. وبالنسبة للمتحدث؛ فإن أهم الحلول التي يقترحها الإسلام هي: التعليم، العمل والتحصين، وانتقد بصفة خاصة طرق التعليم الحالية التي اعتبرها غير متناسبة مع قدرات الشاب الذهنية والعقلية، لا سيما في الجانب الديني، لأنها تنحصر في أمور بسيطة وميسورة، وبالتالي فإن الشاب لا يستخدم قدراته الذهنية وخياله في التعلم، وبهذا يتساوى الطالب الذي بإمكانه أن يصبح عالما بالشخص العامي البسيط في المجتمع. من جهته؛ أكد الشيخ محمد مكركب في مداخلة قيمة ألقاها بالمناسبة، أن أهم سببين يقفان وراء المشكلات التي يعيشها شباب اليوم هما ''الأمية الفكرية الضاربة أطنابها في المجتمع'' و''الضعف المسجل في التوجيه''، ولم يتردد في انتقاد طرق التوجيه الحالية التي قال إنها ''مازالت تسبح في العموميات والسطحيات''، موضحا أمام جمهور الأئمة الحاضرين أن الشاب اليوم يبحث عن حلول عملية لمشاكله ''إما أن تقول له اعمل بأحكام الكتاب والسنة، فهذا كلام عام''، بل إنه اعتبر أن التوجيه يتم بطريقة غير صحيحة سواء في الخطب المسجدية أو في الندوات. وطالب الشيخ مكركب بوضع ''خريطة وعظية'' بعد القيام بسبر آراء لحصر مشاكل الشباب، ومن ثم تحديد الحدود والأهداف، معيبا على الخطاب الحالي خلوه من ''التجديد''. وأكد على أهمية إفهام الشاب حقيقة الحياة ومقوماتها وتلقينه أسباب الوقاية من الانزلاق والوقوع في المتاهات سواء كانت في صورة تطرف أو إباحية أو لا مبالاة، ''فتقديم الدروس اليوم دون تحضير ودون تحديد أهداف إجرائية غير مقبول'' كما قال، مضيفا أن التراجع الذي وقعت فيه الدعوة الإسلامية راجع إلى ''تأصيل الحكم قبل تأصيل الفهم'' بدل ''تأصيل الفهم قبل تأصيل الحكم''، وبهذا فإن الخطاب السائد أصبح هو ''هذا حرام، وهذا حرام، وذلك حرام''. بالمقابل؛ اعترف بصعوبة مهمة الإمام، الذي دعاه إلى اللجوء إلى ''التربية المباشرة''، أي الذهاب نحو الشاب وليس انتظار أن يأتيه، دون إغفال أهمية الكلمة الطيبة، ولم ينس التأكيد على أن الحلول تتم بتعاون الجميع. واعترف بعض الأئمة المتدخلين في النقاش، بأن بعض الخطابات مازالت تتم بلغة الخشب، في حين ينتظر الشاب أشياء براغماتية لأنه يطالب بالملموس في حين لا تتعدى كلمة الإمام الحل الكلامي، وتمت الإشارة إلى وجود لغة جديدة يتحدث بها الشباب في فضاءاتهم الجديدة، لا سيما الشبكات الاجتماعية على الأنترنت وهو ما على الإمام إدراكه والانتباه إليه لمعرفة كيفية التعامل معها، كما أنكر أحدهم غياب ''التأدب في الاختلاف''. فيما طرح أئمة آخرون مشكل الوصول إلى الشباب، نظرا إلى أن الكثير منهم لا يرتادون المسجد، ولذا تم اقتراح إيجاد صيغ تعاون مع وزارة التربية الوطنية، لفتح الحوار بين الأئمة والتلاميذ في المدارس، كما أكدوا على أهمية إذكاء روح المواطنة في الشباب-.